سيكون على سكان جنوب السودان بناء هوية وطنية في مهمة ليست سهلة في منطقة مزقتها الحرب والتنوع الهائل الذي تفرضه حوالي 60 قبيلة تتحدث العدد نفسه من اللغات. وتركت الحرب الدامية التي استمرت 22 عاما بين الشمال والجنوب والتي أودت بحياة مليوني شخص ندوبا في جنوب السودان الذي شهد نزاعات بين قبائل وميليشيات محلية.
وقال الزعيم القبلي الفريد أغوت في كواجوك كبرى مدن ولاية واراب الجنوبية التي كانت الأكثر تضررا بالحرب الأهلية، إن "الحرب مع الشمال أدت إلى انقسامات عدة بيننا إلى درجة أن صداما صغيرا حول أبقار يمكن أن يتحول إلى معركة كبيرة". وعبر عن أسفه لهذا الوضع، موضحا أنه "في الماضي كان حكماء القرى والزعماء القبليون يجمعون الجميع ويجدون حلا سلميا عند وقوع نزاعات".
وتفيد تقديرات للأمم المتحدة أن أكثر من 900 شخص قتلوا في معارك قبلية وهجمات لمتمردين وغيرها من الحوادث الأمنية التي أدت إلى نزوح حوالي 215 ألف شخص في جنوب السودان في 2010. ولتعزيز وحدة شعب مقسم وتمزقه الأحقاد، عززت سلطات جنوب السودان صلاحيات القادة المحليين عبر إنشاء "مجالس للسلطة التقليدية للزعماء" في عشر ولايات جنوبية.
وقال جاكوب مادول لانج الزعيم المشرف على رؤساء حوالى 800 مجلس قبلي في واراب إحدى المناطق الأكثر تضررا بالنزاعات القبلية، إن "المجلس يهدف إلى التقريب بين القدامى والشباب لمناقشة المشاكل سلميا". وتدفع الحكومة أجورا لكثيرين من هؤلاء الزعماء الذين يعملون مع السلطات في حل النزاعات. وفي كواجوك القرية ذات البنى التحتية الفتية، دشنت قاعة كبيرة في ديسمبر لتسهيل المناقشات بين الزعماء القبليين. وقال لانج "عندما يكون هناك خلاف نتناقش ثم نقرر العقوبة التي يقبلها الجميع. يمكننا بذلك التقدم على طريق السلام" والكف عن التقاتل.
وسيكون على الجنوبيين الموزعين في 60 قبيلة أن يبحثوا بأنفسهم عن جذور ما يوحدهم بدلا من الاتحاد في إطار معارضة للشمال. وقال المثقف الجنوبي جوك مادوت جوك "الآن لم يعد هناك شمال يستطيع الجنوبيون معارضته بشكل جماعي. ما سيوحد الجنوب هو الرغبة في بناء أمة قوية معا، أمة تقوم على هوية مشتركة".