عندما نطالع الصحف اليومية عن طريق شبكة الإنترنت لا نملك إلا أن نستعجب للتعليقات أسفل الخبر.
في بعض الأحيان يكشف صاحب التعليق عن ضحالة فكرية وفي أحيان أخرى يكون الخبر فرصة للكثيرين للتنفيس عن معاناتهم، وقد يصل بالبعض لتصفية حساباتهم مع الجهة أو الجهات موضوع الخبر.
وفي هذا الصدد نشرت قبل عدة أيام إحدى الصحف المحلية خبرا عن قيام بعض المدارس الأهلية بزيادة الرسوم الدراسية للطلاب والطالبات.
والحقيقة أن موضوع الرسوم لا يهمني بقدر ما يهمني التفاوت الكبير بين أداء المدارس الحكومية مقارنة بأفضل المدارس الخاصة، وأتساءل كيف نجحت بعض المدارس الخاصة في تعليم أبنائنا وبناتنا بشكل جيد في وقت فقدنا فيه الثقة بمدارسنا الحكومية.
بعض الإحصاءات تقدر عدد المدارس الخاصة في بلادنا بحوالي 3 آلاف مدرسة تضم أعدادا بعشرات الآلاف لا تقارن بالمدارس الحكومية التي تضم ملايين الطلاب والطالبات. مشكلتي مع المدارس الحكومية هي أن فقدان الثقة فيها قد جرف الكثير من أفراد المجتمع إلى التعليم الخاص، ويدور الحديث عن أن المدارس الحكومية في مجملها مكان للتعليم ذو الجودة المنخفضة.
أنا لا أقول إن التعليم في كل المدارس الخاصة ذو جودة عالية تصل إلى طموحاتنا لكن مجموعة لا بأس منها تخضع لضغوط أولياء الأمور وتتمتع بسمعة طيبة وتقوم هذه المدارس باتخاذ أسلوب غير تقليدي في اختيار الأستاذ والوسائل التي تنتج تعليما قادرا إلى حد ما على مواجهة التحديات التي يواجهها مجتمعنا على المستوى المحلي والمستوى العالمي، في حين أن نظيرتها الحكومية تتشابه في الإمكانات والموارد.
الانجراف نحو التعليم في المدارس الخاصة لا غبار عليه، في نظري، إذا لم يقابله تدن واضح في ثقة المجتمع بالتعليم في المدارس الحكومية.
المشكلة أن هذا الانجراف سيخلق مجتمعا فيه تفرقة واضحة بين المقتدر وغير المقتدر.
ما سيحدث أن المقتدر ماديا لن يمانع من إرسال أولاده وبناته للمدارس الخاصة بينما يقف غير المقتدر حائرا مشلولا أمام الأعباء والالتزامات المالية التي لا يستطيع دفعها في المدارس الخاصة، وبالتالي سيلجأ للمدارس الحكومية والنتيجة الحتمية أن نوعية وبيئة التعليم ستنعكس على جودة الخريجين من أبناء غير المقتدرين مما سيجعل أبناء المقتدرين من خريجي المدارس الخاصة المتميزة دائما في وضع أفضل في القبول في الجامعات أو الحصول على بعثة خارجية أو فرص أفضل في حياتهم.
التعليم العام الحكومي في بلادنا الغالية يحتاج إلى أكثر من وقفة ليس لمجرد تدني مستواه ولكن لأنه يخلق طبقية مستقبلية مصطنعة بين المقتدرين وغير المقتدرين سببها قصور مخرجات التعليم الذي يصيب بالشلل أصحاب الطبقة غير المقتدرة. الحل في نظري يكمن في غربلة التعليم الحكومي حتى يستعيد الثقة التي فقدها. الحلول في ظني موجودة لدى أصحاب الاختصاص وهم بلا شك مفكرون ومبدعون لكنهم مكبلون بأنظمة حكومية تمكنت منها البيروقراطية بشكل جعل العديد من المدارس الخاصة تستغل هذه الفجوة لتحقق سبقا على المدارس الحكومية.