لعلها مصادفة جميلة حين تحل ذكرى اليوم الوطني الذي جمع فيه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله الشتات في يوم جمعة مبارك، مصادفة تحمل إشارة مهمة ينبغي التوقف عندها لاستنطاق وقراءة ما تحمله من دلالات ورسائل تؤكد على أهمية الحفاظ على لحمتنا الوطنية وحماية منجزاتنا من شر كل حاسد، ومن أولئك الذين تردت قلوبهم من وعثاء الباطل.

إن التنمية وبناء الإنسان والإصلاح والتطوير هي الجهات الأربع لهذا الوطن الفريد في وحدته، أما بوصلة التخطيط والبناء فإنها تشير لكل تلك الاتجاهات عند انطلاق كل رحلة تنموية، وها هي تواصل مسيرتها برؤية مستنيرة لخادم الحرمين الشريفين حفظه الله الذي أراد لها أن تتجاوز الحاضر ليصل أثرها عمق المستقبل بما يضمن توفير حياة مستقرة للأجيال القادمة تتناغم مع تحولات وتطورات العصر.

إن ما توافر لهذا الوطن من إمكانات سخرت لخدمة مواطنيه والرقي بمجتمعاتهم يحتم علينا جميعاً استشعار دورنا في المحافظة على المكتسبات التي تحققت على امتداد مساحة الزمن السعودي ليظل الوطن في كل شؤونه فاعلاً ومنجماً للحيوية بتألق أبنائه وإخلاصهم، ولكم أن تتأملوا صورة التطور وفق أنموذجها السعودي الحديث، صورة تعكس رخاء الواقع وتنميةً لا تتوقف، لكننا نقف أمامها عاجزين عن حصر ما تم إنجازه على خارطتنا الوطنية.

شهد المسلمون أعظم توسعة تاريخية للحرم المكي الشريف، أما بناء الإنسان السعودي فقد أولاه خادم الحرمين الشريفين كذلك اهتماماً كبيراً كونه الركيزة الأساسية لعملية التنمية؛ فعزز الحياة العامة بمكافحة الفساد والقضاء على البطالة وتطوير القضاء والتعليم، كما أقر حفظه الله برنامجاً يوفر الفرص الوظيفية لأبناء وبنات الوطن ويؤهلهم لسوق العمل باعتماد الخطط العاجلة للقضاء على البطالة، كل ذلك وغيره من المنجزات كان من أبرز ملامح ومقومات الحاضر، الذي سنعبر منه إلى المستقبل الذي نريد، لكن الأمر ليس بهذه السهولة التي يتصورها البعض فالمنافسة وحجم التحديات في زمن العولمة ستكون بالغة الصعوبة، وهو ما يدعونا للتفكير جيداً فيما نملكه لا فيما ينقصنا، باستغلال ما نملكه من مقومات وموارد بشرية ومعرفية واقتصادية يزخر بها الوطن؛ لأنه الخيار الأفضل لاستمرارية التنمية والبناء.

إن تركيز خادم الحرمين الشريفين على تطوير التعليم وابتعاث أبناء وبنات الوطن إلى أرقى المؤسسات العلمية في شتى بقاع الأرض وإنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، والتوسع في إنشاء الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في كافة المناطق والمحافظات، وتوفير الدعم غير المحدود لها، كفيل بتحويل الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد مبني على المعرفة. وقد قطعت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين مرحلة مهمة في التخطيط الإستراتيجي ووضع الخطط بعيدة الأمد؛ للوصول إلى غد تنعم فيه الأجيال بحياة حضارية تواكب وتلبي احتياجات العصر الحديث. الذكرى الـ 81 لوحدتنا الوطنية تمنحنا الفرصة لاستلهام كل التضحيات التي بذلت لنهضة وطننا، ونحن جميعاً من الشاهدين على ما تحقق بتوفيق الله ثم بالدعم السخي لقادة هذا الوطن العزيز. حفظ الله لنا خادم الحرمين الشريفين، وحمى الله وطننا وشعبه، وكل يوم وحبنا الوطن.