في الأسبوع الماضي أثار المهندس محمد الشنقيطي في تعليقه على مقال "من جدة إلى جيزان" مسألة لغوية طريفة.

المهندس الشنقيطي، وهو شاعر ورئيس أسبق لبلدية جيزان، يقول إن الصحيح هو كتابة ونطق "جيزان" هكذا، مع إمالة في الياء. ونحن ننطقها كما وصف بالضبط، ننطق الجيم بحركة بين الفتح والكسر بتأثير من الياء بعدها، وننطق الياء مثل صوت ذيل الحرفJ الإنجليزي. ونفعل ذلك مع كل حرف مفتوح تليه ياء مثل "بيت، سيف، غيل، ليل...".

يضرب اللغويون مثلا للإمالة في القرآن الكريم بقوله تعالى "مجراها ومرساها" وأعتقد أن الإمالة هنا هي للجمع بين قراءة بالياء في اسم الفاعل وقراءة بالألف في اسم المكان، كما يضربون مثلا للإمالة في اللهجات بنطق بعض أهل تهامة اليمن إذ يميلون أواخر الكلمات، وهي ظاهرة صوتية لديهم.

لكنها لا في المثال القرآني ولا في لهجة تهامة اليمن ولا في بعض إمالتنا تدل على معنى أو تعكس معنى في اللفظة، أي أن هذا التأرجح والتذبذب والميل بين حركتين لا يصور تأرجحا وتذبذبا وميلانا في المعنى.

إنما في لهجتنا في جيزان نميل أحيانا لمعنى مقصود، وهو معنى، حسب علمي، لم تسجله كتب اللغة ومعاجمها. وهو معنى التظاهر بالفعل دون وقوع الفعل، مثل الذي يتظاهر بالرقاد وليس راقدا، تقول كتب اللغة عنه "متراقد" أما نحن فنميل الألف إلى الياء وكذلك نفعل قبلها بحركة الراء. بين الفتح والكسر.

صحيح أن "متراقد" تعني التظاهر بالرقاد، لكن بإمالة الألف إلى الياء كما ننطقها يصبح للإمالة معنى، حال بين حالين، تصوره حركة بين حركتين.

في منطقة جيزان سيجد الدارس فسيفساء لهجية تكاد تجمع كل الظواهر الصوتية في اللهجات العربية جميعها، من إمالة وعجعجة وكشكشة وطمطمانية وغيرها، ولو سمح لي الوقت سأقول طرفا من ذلك.

شكرا للمهندس محمد الشنقيطي وللقراء الكرام.