ما مشاعرك وأنت كائن يحاول أن يصل مع همومه اليومية لحل وسط، بينما وعلى طرفٍ آخر غير بعيد يواصل اثنان ممن يدعون النخبوية "التناقر" ببرنامج تلفزيوني على شأن لا يهمك، أو مسألة تكاد لا تعرف صلة قرابتك بها، وبلغة خطاب فوقية يمارسان غرس الفكرة الآتية برأسك: "ما تبقى من سنواتك مرتبط بما نقوله، نحن نشكل بهذا الجدل مصيرك المغلوب على أمره، هل تسمعنا؟ "تهزّ رأسك الممتلئ بأحلامك المؤجلة.. قبل أن يتشبث أحدهم بوجهك متسائلاً: لأي تيار تنتمي؟ تجيبه وأنت تنزعه عنك: أنا يا أستاذي من تيار "الطماط"، نشأ في العام الذي طارت فيه الأسعار ونسيت أن ترجع.
هو التيار الذي يهمني، دون أجندة ولا ثرثرات، أعضاؤه لا يسكنون أبراجاً عاجية، هم بالحقيقة لا يجدون سكناً أصلاً. لا يصنفون الناس على حسب أمزجتهم، وغير مهووسين بحواديت التغريب، وبكوننا محط أنظار الأشرار، أما حراكهم فهو دوماً نحو الشارع، صوته.. تطلعاته، وليس حراك "ضراير" على زوج بلغ من الكبر عتياً، كما تفعلون أنتم آناء الليل وأطراف النهار، لذا أنا غير مهتم بما تفعلون، وأشعر كلما شاهدتكما بأنكما كائنان غريبان هطلا فجأة من كوكب لا نعرفه، يقولان شيئاً يدعو للضحك لكنه سرعان ما يبدو مثيراً للشفقة.
عفواً نسيت أن أعرفكم بنفسي أنا المواطن "ص"، بشكل آخر: القيمة المطحونة بسلسلة حساباتكم الممتدة.