نعم، سأقول إن سدنة المنهج الخفي، من بعض مسؤولي المناهج في وزارة التربية والتعليم يعملون عكس السياسات العليا للدولة، وإلا: لماذا أضافوا هذا العام باباً جديداً في موضوع – الابتعاث – بعد ثمانين عاماً من طباعة أول كتاب مدرسي وبعد نصف قرن من بدء رحلة أبناء الوطن مع الابتعاث.

ومن الطرفة بمكان أن المتحدث الرسمي للوزارة بالأمس وهو يبرر فكرة الباب المستحدث الجديد يعترف صراحة أن المؤلف (قد بالغ في وصف خطورة الابتعاث)، وما دام هذا اعتراف هيكل الإشراف على المناهج فلماذا لم يقرؤوا هذه المبالغة في المسودات ما قبل الطبع، وماذا تحتاج إليه القراءة من فعل خارق حتى تضع الوزارة نفسها في هذه الورطة؟ والواضح أن هذه الإدارة المترهلة تثبت سنوياً أنها آخر من يقرأ، ونفس التبرير اليوم هو ذاته في ذات اليوم من العام السابق عندما اكتشف الجمهور أن مؤلف كتاب الفقه هو نفسه الذي كان ضجة وطنية كبرى بشهادة حتى الأفاضل من كبار العلماء الذين كانت لهم مواقفهم من بعض فتاواه ومواقفه.

هؤلاء في إدارة المناهج يبرهنون أنهم آخر من يقرأ، وإلا لماذا الإصرار على مثل هذا الباب بالتحديد فيما الآلاف من شبابنا، ومنهم الآلاف من الملتزمين المشتغلين بالدعوة مثلما بينهم المئات من أبناء طلاب العلم يتزاحمون على فرصة الابتعاث.

لماذا يصر المنهج المدرسي على تلقين أبنائنا الطلاب هذا التشكيك في سلوك وعقائد ما يربو عن مليون سعودي مروا بتجربة الابتعاث من اليوم الأول حتى اللحظة؟ لماذا لا يذهب كتبة هذه المناهج للميدان ليعرفوا بالبرهان أن السواد الأغلب من أساتذة جامعاتنا المختلفة الذين درسوا غرباً وشرقاً هم أساتذة الالتزام والمحافظة، مثلما أن هؤلاء الكرام من يمثل العمود الفقري في إدارة العمل الدعوي والخيري في المنظمات الإسلامية العالمية مثل ندوة الشباب المسلم وهيئة الإغاثة ومكاتب دعوة الجاليات، ومثلما أن الشباب السعودي في جامعات العالم ومدنه المختلفة هم عمود الخيمة لآلاف المساجد والمناشط. دعونا نختبر النتائج في عينتين عشوائيتين: عشرة من شبابنا المبتعثين في جامعات الغرب وعشرة في المقابل من شباب جامعات الداخل. امتحنوا الفرق. اذكروا لي أخيراً: أين درس الدكاترة المشرفون؟