"غزو العالم" لعبة فرنسية المنشأ والتي عرفت في بقية أنحاء العالم فيما بعد بـ"Risk"؛ أي لعبة المخاطرة، هي من الألعاب التي قد تعتمد على الدبلوماسية كنوع من استراتجيات التخطيط والتنفيذ، كما يمكن للاعبين تحقيق صفقات، والتكاتف كعصابة على الأضعف بينهم، أو حتى خيانة بعضهم بعضا، المهم أن يستمراللعب حتى ينجح أحدهم في السيطرة على العالم، ويعود تاريخها إلى الخمسينيات من القرن الماضي، حيث قام باختراع اللعبة المخرج السينمائي الفرنسي ألبرت لاموريس وأطلقها في فرنسا، ومن ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأميركية، وانتلقت منها إلى بقية أنحاء العالم بعد تعديلات طفيفة عليها، إنها لعبة، نعم مجرد لعبة ولكن أحيانا أشعر بأنني مازلت أراقب أخواتي وزميلاتهن يلعبن وسط فوضى من الاعتراض والتشنج.
ماذا لو استيقظت يوما ووجدت أنني في زمن غير الزمن، لا أستطيع أن أميز، هل هو الآن أم هو الأمس أم هو الغد، أجلس بين مجموعة من الشخصيات حول خريطة العالم، نلعب لعبة غزو العالم، ما هو غير طبيعي في هذه الصورة أن اللاعبين ليسوا أشخاصا عاديين مثلي ومثلكم، بل هم في الواقع رؤساء دول لأكثر البلدان نفوذا في العالم، وقد اجتمعنا في قاعة الأمم المتحدة من أجل أن نلعب! كيف يا ترى سوف يكون اللعب؟
بالطبع سيحاول كل منهم ـ وأنا أيضا بالطبع ـ أن يبذل كل ما في وسعه من أجل القضاء على خصومه وأصدقائه إن تحتم الأمر، وذلك من أجل الفوز، لا يهم كيف؟ المهم الفوز.. بالطبع ستبدأ عمليات بناء العلاقات بين بقية اللاعبين ولكن ليس معي، فأنا الحلقة الأضعف والهدف الأسهل، يا ترى لماذا أنا؟ أي دول أمثل؟ وأي نوع من الثروات أو المواقع الاستراتجية تحمل قارتي؟ أقصد القارة التي من المفترض أنني اخترتها، وتدورالاتفاقيات والمعاهدات ما بين الآخرين مثل الولايات المتحدة وأوروبا، وبين الأولى واليابان، وبين أوروبا وأميركا الجنوبية، بحيث إن أي اعتداء على حدود أصحاب المعاهدات لن يتم السكوت عليه من قبل الدول التي أبرمت تلك المعاهدات، بالطبع تمحى أو يتجاوز عنها متى قربت نهاية اللعبة وأصبح هنالك لاعبان فقط، حينها يصبح الهجوم حتميا من أجل الفوز.. فدولة ما يجب أن تفوز وتغزو العالم، وإلا لأصبحت اللعبة من دون أي هدف! يعم الصمت ويبدأ الكل بالتفكير والتخطيط، وفجأة يتحول الجميع إلى صقور، فأستدير لأرى نفسي في المرآة نعجة بينهم! فأهز نفسي وأصرخ وأتشنج ولكنني لا أجد مخرجا.
إنه حلم.. إنه حلم ويجب أن أستيقظ، وبعد جهاد بين اليقظة والخيال.. أجد نفسي أقف أمام نفس المرآة ولكن دون أن أرى نفسي! أين ذهب جسدي؟
"لماذا لم أفكر في ذلك"؟
ثم أستيقظ وأتساءل في نفسي: هل كان كابوسا.. أم أنه حقيقة!