تنتشر في مدن ومحافظات المنطقة الشرقية خدمات توزيع مياه الشرب بواسطة صهاريج "وايتات" صغيرة يقوم عليها عمالة غير مؤهلة، وتفتقر لأبسط الشروط الصحية الأمر الذي دعا عددا من المواطنين الذين أجبرتهم ظروفهم على التعامل مع تلك الصهاريج إلى المطالبة بوضعها تحت الرقابة الصحية الصارمة.

وفي هذا السياق، يقول المواطن خليفة الدوسري إنه كان يتعامل مع صهاريج المياه التي تقوم بتوزيع وتوصيل المياه إلى المنازل لعدم وجود مياه محلاة في منزله، لكنه اكتشف في إحدى المرات أن طعم المياه غريب، فقام بأخذ عينة من المياه المحلاة التي تمت تعبئتها، فوجدها غير صالحة للشرب، مما جعله يوقف التعامل مع تلك الصهاريج، ويتعاقد مع إحدى الشركات الكبرى المعروفة لإيصال المياه إليه في عبوات مغلفة، موضح عليها تاريخ الانتهاء.

ويقول المواطن راشد القحطاني من سكان غرب الدمام إنه يلاحظ أعدادا هائلة من صهاريج المياه الصغيرة التي تقوم بتوزيع المياه على المنازل والمطاعم في غرب الدمام، والتي تنطلق إلى كافة الأحياء، مشيرا إلى أن تلك الصهاريج في حالة سيئة والبعض منها يبدو عليه الصدأ.

"الوطن" التقت خلال جولتها في بعض أحياء الدمام بعدد من سائقي سيارات توزيع المياه للسؤال عن مصدر المياه، فقال أحدهم إنهم يقومون بتعبئتها من أماكن مصرح بها ومعروفة.

وعن الاشتراطات الصحية المطلوبة منهم، قال إنه لا يعرف عنها شيئا وكل ما يعرفه أنه يعبئ المياه من المصنع، ويقوم بتوزيعها على المنازل.

وفي غرب الدمام حيث تكثر صهاريج المياه سألنا أحد العاملين عن الآلية التي يتم من خلالها تنظيف خزان الصهريج، فقال إنه ينزل بنفسه إلى داخل خزان الصهريج ويقوم بتنظيفه بطريقة بدائية قد تسبب انتقال أي شيء من جسمه إلى الخزان.

إلى ذلك، أوضح رئيس بلدية غرب الدمام المهندس فارس العريج أن تصاريح موزعي المياه تصدر من البلديات بناء على المصنع الذي يتعاملون معه، مؤكدا أن المصانع المنتجة للمياه المحلاة ترفق خطابا إلى البلدية بأسماء الموزعين المعتمدين لديها، مشيرا إلى أن تلك المصانع مطالبة بالإبلاغ عن أي موزع ينقطع عنها، لتقوم البلدية بإيقافه حتى يحضر ما يثبت أنه يتعامل مع مصنع معتمد ومصرح. وقال العريج: يفترض أن جميع العاملين في مجال نقل وتوزيع المياه لديهم شهادات صحية.

من جهة أخرى، قال عضو المجلس البلدي في الأحساء عضو جمعية حماية المستهلك حجي النجيدي في تصريح إلى "الوطن" أنه من خلال دراسة قام بها باحثون وأكاديميون من جامعات سعودية، تبين أن 70% من الأمراض سببها المياه الملوثة والمتمثلة في أمراض الدم وحصى الكلى والنقرس والطفح الجلدي عند الأطفال. وطالب النجيدي جهات الاختصاص في الأمانات والبلديات وفروع المياه ووزارة الصحة بتحديد فترة زمنية لعمل فلاتر مياه السيارات المتنقلة بحيث لا تتجاوز 20 ألف لتر، وإلزام سيارات نقل المياه باستخدام مواسير غير قابلة للصدأ في نقل الماء من خزان السيارة مروراً بجهاز دفع المياه إلى نهاية الماسورة، وإلزام السائق بإبراز الشهادة الصحية.

وطالب النجيدي بوضع شعار وهاتف المعمل على السيارة، وإخضاع جميع المعامل لنظام صحي وبيئي، وإلزام المعامل بأنظمة الفلترة والتعقيم والتعبئة والتخزين، والفحص الدوري لجميع أجهزة المعمل وصيانتها باستمرار، وتعقيم الخزانات بمعدل كل 4 شهور باستخدام الأشعة فوق الحمراء، وألا تقل مساحة المعمل عن 1200 متر مربع.

وأكد النجيدي أن 90 % من معامل تعبئة المياه في جميع مناطق ومحافظات المملكة مخالفة لشروط التجهيزات والعمالة فيها غير مدربة، موضحا أن الدراسات تشير إلي ارتفاع حجم الاستثمار في تحلية المياه بالمملكة. وبين أن هناك معامل لتعبئة المياه أجهزتها قديمة تفتقد للمواصفات والاشتراطات الصحية، كما أشار إلي أن هناك 50 % من المعامل التي أجريت عليها الدراسة غير مطابقة للمعايير الميكروبولوجية، موضحا أن 24 % من معامل عينة الدراسة ملوثة بالبكتيريا القولونية و16% من المياه المباعة للاستهلاك الآدمي تحتوي على بكتيريا برازية. كما أن الطابع التجاري يغلب على نوعية المواد الكيميائية المستخدمة في التعقيم.