الوطنيَّة والمواطنة في علاقةٍ مستمرةٍ لا يمكن أن تنعزلا عن بعضهما, فإذا كانت الوطنية هي النظرية فإنَّ المواطنة هي التطبيق, وإذا كانت الأولى ترتبط بالعاطفة والمشاعر، فالثانية ترتبط بالسلوك والممارسة. الوطنية حقٌّ والمواطنة واجب, الأولى شعور بالانتماء والثانية إثبات للولاء. ولا يمكن أن تكون وطنيًّا وأنت ناقص المواطنة, فالمواطنة هي الاستحقاق الوطني الأوَّل، والأولى هي سبب الثانية.
وقد أثبت الشعب السعودي وطنيته في أكثر من مناسبةٍ، وآخر شواهد ذلك موقفه المشرِّف حين ردَّ أعداء الوطن بخفي حنين. كما أثبت الشعب السعوديُّ مواطنته عمليًّا بالتسابق في التضحية بالنفوس؛ دفاعًا عن تراب هذا الوطن، فكان عقد شهداء الواجب منتظمًا من كلِّ بيتٍ ومن كلِّ منطقة. وكلَّما حاول أعداء المملكة اختبار وطنية أبنائها ومواطنتهم، وجدوا الوطنية تزداد (محبة) والمواطنة تزداد (تضحية).
وسرُّ هذه الروح السعودية التي (تسارع للمجد والعلياء) و(تمجد لخالق السماء) و(ترفع الخفاق الأخضر) مرددة (الله أكبر) وهي تتغنى بـ(الملك والوطن): يكمن أولاً في هذا الوطن الذي يختلف عن كلِّ الأوطان, فهو قبلة الإسلام ومهبط الوحي ومهد الرسالة ومشرق الحضارة, ويكمن ثانيًا في ثلاثة قرون من خدمة للدين ونشر للدعوة وعناية بالحرمين, شادت تاريخًا من مجدٍ وعدلٍ وهيبةٍ وعطاء, وادخرت إرثًا من حِلمٍ وتسامح, وبنت حاضرًا من بناءٍ وأمنٍ ونماء, ومن حقِّ وطنٍ بهذه المواصفات أن يُفتخر به ويحتفل له, ومن حقِّ أبنائه أن يطربوا فرحًا لأجله في يومه الوطني ويتجاوزوا به حدود الاحتفال إلى أبعاد الاحتفاء.
هي دعوة لنحتفي بوطننا الذي يستحق, ونمارس ذلك بمشاعرَ صادقةٍ وبسلوكٍ منضبطٍ، واضعين نصب أعيننا أنَّ كلَّ يومٍ وطنيٍّ هو يومٌ أفضلُ في تاريخ الوطن. ولنحتفي برموزنا ومنجزاتنا الوطنية بقلوبٍ خضراء، تعشق الجمال وتكره السلبية. ولنحتفل بهذه الوحدة التي جعلت للجميع وطنًا، وجعلت الوطن للجميع. ولنتجاوز كل الـ(لاوطنيين) والـ(ما دون وطنيين) وأصحاب القلوب (غير الخضراء).
تتويت:
أثبت الشعب السعوديُّ وطنيته ومواطنته في أكثر من موقفٍ، وقد خبرت الملماتُ والخطوبُ وفاءه لوطنه وولاءه لقيادته, ووطن بهذا الحجم وبهذه الإنجازات, ومواطن بهذا الإخلاص وبهذا الولاء: يستحقان أن يكون يومهما الوطني مختلفًا عن جميع الأيام، ويومًا (أفضل) في التاريخ.