بحيرة أورميا بحيرة ملحية في شمال غرب إيران، قرب مدينة أورميا، وهي الأكبر في الشرق الأوسط وثالث أكبر بحيرة ملحية في العالم، لكنها تموت الآن. حوالي نصف البحيرة جف بالفعل وترك طبقة سميكة من الملح على الأرض مثل العلامة التي يتركها الحر الشديد على جبين أبناء إقليم أذربيجان. خسارة بحيرة أروميا مثل خسارة الحياة بالنسبة لكثير من الناس في إيران، وخاصة في أذربيجان. رغم كل الشكاوى والرسائل التي تم توجيهها للحكومة لتحذيرهم من كارثة حقيقية تهدد وجود هذه البحيرة الفريدة، لم يحصل الناس ولا البحيرة على الانتباه من المسؤولين والسياسيين في طهران على الإطلاق.
ومع أن البحيرة تموت، إلا أن أبناء أذربيجان، رغم وجود هذا الجرح في صدرهم، ينتفضون ضد النظام. منذ حوالي أسبوعين، أو أكثر بقليل، عندما تجنب أعضاء البرلمان الإيراني في طهران مناقشة موضوع خطة إنقاذ البحيرة وفضلوا مراجعة تمديد إجازة عيد الأضحى المبارك في إيران، كان رفضهم مثل شعلة أضرمت النار في قلوب الشعب الغاضب في أذربيجان.
أبناء منطقة أذربيجان ليسوا غاضبين فقط بسبب خسارة البحيرة، لكنهم غاضبون أيضا بسبب عدم اهتمام الحكومة المركزية بهم، وقد بدأ الإقليم يتحول إلى ميدان قتال بين عناصر الأمن والشرطة وبين أبناء الإقليم. هناك تقرير يتحدث عن وقوع حادثة قتل واعتقال آلاف الأشخاص خلال الأيام الماضية بسبب صدامات بين ناشطين مهتمين بشؤون البيئة وبين شرطة مكافحة الشغب. عندما تم تفريق وضرب واعتقال المتظاهرين السلميين في أورميا الذين يطالبون الحكومة بإنقاذ البحيرة، انتفض إقليم أذربيجان بالكامل بما في ذلك العاصمة تبريز.
في تاريخ إيران الحديث، لم تحدث أي حركة احتجاج دون أن يكون لها جذور في أذربيجان. أذربيجان هي مهد جميع الحركات ومركز الشجاعة على طول التاريخ الإيراني. من الثورة الدستورية عام 1906 التي كان يقودها أشخاص معروفون من تبريز ومن مناطق أخرى في أذربيجان حتى هذه الأيام تراقب الحكومات الإيرانية المتعاقبة الشعب الآزاري لأنهم يكونون دائما البادئين بأي انتفاضة. ولأن النظام يعرف ذلك جيدا، فإنه أرسل قواته إلى تبريز وأورميا لمنع أي مظاهرات مستقبلية. شعب أذربيجان يعتبرون أقلية إثنية تركية لكنهم يتزاوجون مع جميع فئات الشعب الإيراني. سوق طهران التقليدي الذي بني منذ فترة طويلة لا يزال يعتبر أهم منطقة تبادل في إيران، وهذه المنطقة المالية الهامة يسيطر عليها الآزاريون الإيرانيون بقوة. الناس يتذكرون جيدا كيف أغلق سوق طهران أبوابه خلال الثورة في 1979 لإظهار تأييد التجار للثورة ولآية الله الخميني. كانت أذربيجان دائما هامة بالنسبة لإيران، وهي تعتبر دائما رأس هذا البلد. في عام 1813، كانت إيران في حالة حرب مع روسيا، وخسر ملك إيران في ذلك الوقت فتح علي شاه قاجار الحرب مع الروس ولم تكن لديهم فرصة توقيع معاهدة معهم في مناسبتين اثنتين. خسرت إيران الكثير من أراضيها بما في ذلك نصف أذربيجان، لكن الملك فعل ما بوسعه للحفاظ على العاصمة تبريز وعلى جزء من أذربيجان.
صحيح أن إيران دولة فيها أعراق ولغات وقبائل متعددة، لكن هؤلاء الناس يعيشون مع بعضهم البعض بسلام ودون أي مشاكل منذ سنوات طويلة. الانتفاضة الشعبية في مدن أذربيجان بسبب بحيرة أورميا أقلقت الحكومة لأن تلك الاحتجاجات يمكن أن تتوسع بسهولة إلى مناطق أخرى وتؤثر على طهران. يعتقد الكثيرون أن إيران يحكمها الشيعة الذين يشكلون أغلبية في البلاد، لكن الحقيقة هي أن السلطة الحاكمة حاليا في طهران تمثل أقلية لأن المشاركة في السلطة ليست مفتوحة للشيعة الإيرانيين العاديين. الناس يشعرون بالإحباط في جميع أنحاء إيران. من أذربيجان، التي يشكل الشيعة الغالبية فيها، إلى وسط وجنوب البلاد حيث يعيش السنة، بغض النظر عن عرقهم ودينهم، الجميع يشعرون بخيبة أمل كبيرة من هذا النظام.
منذ أيام قليلة فقط، أعلنت الحكومة الإيرانية أنها وافقت على تخصيص ما يعادل مبلغ 900 مليون دولار لإنقاذ بحيرة أورميا. الناس سمعوا الإعلان. لكن النظام على ما يبدو لم يفهم أن لون البحيرة تحول فجأة إلى اللون الأحمر... اللون الأحمر الدموي الذي لن تنفع معه أية مبالغ وأية محاولات. خسارة البحيرة بالنسبة للكثيرين يعادل خسارة أطفالهم... وأذربيجان لا يمكن أن تتحمل ذلك!