مع ترحيب بغداد برفع مجلس الأمن بعض العقوبات الدولية على العراق كخطوة باتجاه خروجه من طائلة البند السابع لميثاق الأمم المتحدة، أعلنت مصادر رسمية استعداد حكومة المالكي الجديدة لحسم الملفات العالقة مع الكويت لطي صفحة الماضي، وتعزيز العلاقات بين البلدين. مقابل ذلك أكدت أوساط سياسية أهمية اتخاذ إجراءات لحماية الأموال المودعة في صندوق تنمية العراق والخاضع لإشراف الأمم المتحدة، مشيرة إلى احتمال رفع شكاوى من بلدان ومؤسسات وأفراد للحصول على تعويضات جراء غزو الكويت في الثاني من أغسطس من عام 1990، مشددة على ضرورة تحسين الأداء الحكومي خلال السنوات الأربع المقبلة وبناء دولة المؤسسات، وتجاوز أخطاء المرحلة السابقة، لإقناع المجتمع الدولي بان العراق قادر على الإيفاء بالتزاماته كافة.

وردا على المخاوف من فقدان العراق أمواله أكد المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة علي الموسوي اتخاذ الحكومة جملة إجراءات بهذا الشأن وقال لـ "الوطن" إن العراق " شكل لجنة تتابع أمواله في صندوق الأمم المتحدة، تضم خبراء قانونيين واقتصاديين فضلا عن التحرك على دول الجوار والجهات التي تزعم تضررها من غزو النظام السابق للكويت للوقوف على حجم الضرر وتسوية قضاياها، بعد التأكد من حقيقة مزاعمها "،مشيرا إلى أن الأمم المتحدة أبدت استعدادها هي الأخرى لمساعدة العراق في هذا الأمر.

وبينما أشارت تقارير دولية إلى إمكانية خروج العراق من الفصل السابع بشكل نهائي بعد الإيفاء بالتزاماته مع الكويت، كشف وكيل وزير الخارجية للشؤون السياسية لبيد علاوي عن تفهم الجانب الكويتي للموقف العراقي وقال لـ " الوطن" إن وزارة الخارجية بذلت الكثير من الجهود لإقناع الكويتيين بضرورة تفهم الموقف العراقي، وتم تشكيل لجنة تأخذ على عاتقها الاتصال مع الطرف الآخر وإبلاغه بكل المعلومات المتوفرة لدينا عن المفقودين والأسرى، وأبدينا استعدادنا الكامل لترسيم الحدود بين البلدين وبإشراف الأمم المتحدة وباعتماد المواثيق الدولية المعروفة، ونحن نحرص على أن يقتنع الكويتيون بأن العراق ما عاد دولة تهدد جيرانها، وعن طريق الحوار يمكن التوصل إلى حل جميع الملفات الشائكة،داعيا الكويت إلى الاستجابة لموقف العراق الايجابي. معربا عن اعتقاده بأن خروج العراق من البند السابع يرتبط بمدى قناعة الكويت بهذا الأمر، وهي أبدت رغبتها في تخلص العراق من العقوبات الدولية".

من جانبه طالب الخبير القانوني وديع غزوان السلطتين التنفيذية والتشريعية بتعزيز ثقة المجتمع الدولي بالعملية السياسية التي تجري في العراق، وقال إن " قرار مجلس الأمن الأخير يحمل البرلمان والحكومة والنخب السياسية مسؤوليات أخرى في مقدمتها، تعزيز ثقة المجتمع الدولي بالعملية السياسية فضلا عن مجموعة إجراءات في مقدمتها نجاح الحكومة في أداء مهماتها وفي مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية".

ويخضع العراق لبنود الفصل السابع بقرار مجلس الأمن رقم 678 لسنة 1990 إثر دخول القوات العراقية الكويت في شهر أغسطس من العام نفسه، ومن أبرز الملفات العالقة بين البلدين التعويضات التي يدفعها العراق والبالغة 5 % من واردات صادراته النفطية وترسيم الحدود بين البلدين ورفات الكويتيين المفقودين.

وتقع على عاتق الحكومة الجديدة مهمة خروج البلاد من الفصل السابع وهذا ما أجمعت عليه الأوساط السياسية، لكن ذلك سيصدم بالكثير من العقبات، تقف في مقدمتها قدرتها على الاحتفاظ بوحدتها وتحقيق مبدأ الشراكة، وبناء دولة المؤسسات، وتجاوز المحاصصة الطائفية، وتطوير علاقاتها مع دول الجوار العربي. وتفعيل مشروع المصالحة الوطنية ونبذ التدخل الإقليمي في الشأن العراقي.

من جانبه وصف رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني الحكومة الجديدة، بأنها حملت معها ألغاما مهيأة للانفجار في الأزمات المحتملة وقال" أخشى احتمال اندلاع أزمات، لأن الأطراف المشاركة في الحكومة وبلا استثناء ما زالت تحمل ألغامها معها، وخصوصا أن التحالفات التي تحققت جاءت بفعل الإرادة الخارجية، ولم تتوفر الأرضية الوطنية السليمة لتجاوزها أعني توجد نيران تحت الرماد، من شأنها أن تجدد الصراع والتصادم وعلى الجميع أن يدرك أن الحكومة مهماتها كبيرة، والواجب الوطني يتطلب من الكتل النيابية أن تحقق مصالح الشعب العراقي، مشيرا إلى احتمال تجدد الخلاف بين المالكي وقوى من داخل تحالفه لأنها مازالت تحتفظ بميليشياتها، وعليها أن تثبت عكس ذلك بعدما برزت مخاوف لدى شرائح واسعة من العراقيين من عودة العنف الطائفي وما يحمل معه من مظاهر كارثية لن تحسم إلا بتقسيم البلاد تنفيذا لمخططات خارجية بذرها المحتل الأميركي في البلاد.