أظهر التناول الإعلامي المكثف، وتسليط الضوء على مشكلة عضل البنات حجم المشكلة التي يعيشها كثير من الفتيات. وفي الوقت الذي لا يعطي فيه ناظرو القضايا في مختلف المحاكم ذات الحكم، وفي الوقت الذي لا توجد فيه قوانين محددة تجاه عضل البنات، لا تزال بعض الفتيات اللواتي لجأن للقضاء خلف القضبان، إثر تحويل دعاوى العضل التي رفعنها إلى قضية عقوق، وذلك على الرغم من الخطاب الديني الذي أكد على حرمة عضل البنات ووجه بوجوب نزع الولاية عن العاضل في حال ثبت عضله.

في 12 يوليو 2010 نشرت "الوطن" قضية عضل صدمت المجتمع، نظرا للمكانة الوظيفية للمعضولة، وهي طبيبة سعودية حاصلة على بورد بريطاني وسعودي في تخصص دقيق ونادر في الجراحة، وذلك عندما قضت المحكمة العامة بالمدينة المنورة بصرف النظر عن دعوى لنزع الولاية التي أقامتها الطبيبة ضد والدها، لاتهامها له بالعضل ومنعها من الزواج. وجاء ذلك الحكم، بعد مرور خمس سنوات على وجود الطبيبة التي تجاوزت 40 عاما، في دار للحماية الأسرية، إثر تعرضها لتعنيف أسري وضرب مبرح بأدوات صلبة، أدى بها إلى سرير أحد المستشفيات، وردت محكمة الاستئناف الحكم إلى القاضي بملاحظات شديدة على حكمه في 31 أغسطس 2010، إلا أن القاضي عاد وأصر على حكمه. ونشرت "الوطن" في 18 أكتوبر 2010، رفض دعوى العضل وإعادة الطبيبة الموجودة في إحدى دور الحماية بسبب عنف أسري إلى أسرتها، على الرغم من أن الطبيبة تجاوزت 42 عاما في آخر مداولات القضية.

وفي 13 مايو 2010 صرح رئيس لجنة التكافل الأسري بإمارة المنطقة الشرقية الدكتور غازي الشمري، أن من ضمن القضايا التي درستها اللجنة قضيتي عضل لفتاتين في الثلاثينات أحجم والدهما عن تزويجهما لعدم اقتناعه بمن تقدم لهما. وأنهت لجنة التكافل الأسري مأساة إحدى الفتاتين بعقد قرانها على شاب بعد تعنت والدها في تزويجها وذلك بمقر اللجنة بمكتب الإمارة.

وفي 20 أكتوبر 2010 عادت قضية العضل للظهور، وهذه المرة من خلال الإنترنت، حيث لجأت أستاذة جامعية سعودية معضولة إلى تدشين حملة على موقع "فيسبوك" تحت عنوان (كفى عضلا) بدلاً من تقديم شكواها إلى القضاء خوفا من نتائج الأحكام القضائية التي قد لا تأتي في صفها أو تتهمها بالعقوق كما حدث في قضية الطبيبة المعضولة.

وفي سبتمبر 2010، تداولت وسائل الإعلام قضية "سمر" التي قضت 7 أشهر في السجن نتيجة اتهامها بالعقوق بناء على قضية عضل رفعتها ضد والدها الذي عضلها عن الزواج، على الرغم من أن سمر سبق لها الزواج ولديها طفل وتجاوزت الثلاثين عاما، وأنهيت قضية سجنها بعد تصاعد إعلامي لوضعها غير القانوني في السجن.

وفي 13 سبتمبر 2010, ست شقيقات من المدينة المنورة لجأن إلى القضاء وأقمن دعوى عضل ضد والدهن الذي عضلهن عن الزواج، حيث بلغت أكبرهن 30 عاما.

وأيضا تم تحويل قضية عضل إلى عقوق، إثر هروب مواطنة إلى خارج المدينة وإحالة شقيقها إلى هيئة التحقيق والادعاء العام بعد وقوفه إلى جانب شقيقته التي تجاوزت 35 عاما، وحولت قضية العضل تلك إلى قضية عقوق في محكمة المدينة المنورة.

وفي 2 ديسمبر 2010 عضل أب ابنته ورفض تزويجها من ابن عمها، على الرغم من أنه سبق لها الزواج بشخص يكبرها بأعوام، ولم تنفع محاولاتها ومراجعاتها لأربع جهات هي محافظة الطائف والمحكمة والشرطة وحقوق الإنسان.

هيئة كبار العلماء

وحول شرعية عضل البنات أكد عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله بن منيع لـ"الوطن" أن العضل هو نوع من الظلم الذي حرمه الله، وقال: "عضل البنات يعتبر من أكبر الظلم، والله سبحانه وتعالى أعطى الولاية للرجل على المرأة لا على اعتبار أنها ناقصة ولا على سبيل التسلط ولا على سبيل التعسف ولا على سبيل ظلمها والتعدي عليها، وإنما أعطاه الله الولاية عليها لأجل أنها في حاجة لاختيار زوجها الذي هو في الواقع من ستبقى معه، ولهذا لا يجوز له أن يجبرها على زوج لا تريده، ولا يجوز له أن يملي عليها رأيا مجردا عن أي مقصد ومصلحة شرعية تعود إليها ولمصلحتها، وبناء على هذا فلا شك أن أي عضل يكون مبنيا على الظلم والعدوان لا شك أنه جريمة ويعتبر وسيلة ومبررا لعزل الولاية عن العاضل وإسناد الولاية إلى غيره مما يحقق مصلحة المولية".

حزم القضاء

من جهة ثانية, دعا القاضي في المحكمة العامة بالرياض الشيخ حمد الرزين إلى الحزم في تناول القضاء لقضايا العضل، مشددا على إشاعة مفهوم احترام رغبة البنت في شريك الحياة وعدم إجبارها على الزواج من شخص لا تريده، أو رفض خاطب ترغبه بلا حجة ولا مبرر شرعي. وكان قد سبق أن جاء على لسان الرزين أنه "ليس في الشريعة السمحة ما يفهم منه لا تصريحا ولا تلميحا أن الفتاة تمنع من الزواج بشاب تحبه، لأنه إذا أرادت الفتاة الزواج بشاب كفء لها ورفضه وليها بلا حجة شرعية فإن العاقبة ستكون وخيمة، فكم من قضايا هروب للفتيات ووقوعهن في الرذيلة كانت بسبب عضلهن من قبل أوليائهن بلا سبب ولا حجة شرعية. ولذلك فإنه يقع على المحكمة دور عظيم في مثل هذه القضايا، وذلك بعدم ترهيب الفتاة أو تخويفها من التقدم للمحكمة لإقامة دعوى العضل، بل إن تسهيل وصول الفتاة إلى القاضي، وبوحها بشكواها لديه أرأف بها و أرحم".

الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان

رصدت تقارير الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان 13 حالة عضل مثبتة في 2010، وأكد تقرير صادر من الجمعية أن 86 حالة مثبتة شهدتها الجمعية منذ إنشائها وإلى عام 2010. وطالبت الناشطة في حقوق المرأة، عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور سهيلة زين العابدين حماد، بوضع قانون يقنن عمر الزواج للفتيات في السعودية، وأبدت الدكتورة سهيلة استغرابها لتباين بعض الأحكام القضائية ومواقف بعض القضاة تجاه عضل البنات. وقالت: "موقف بعض القضاة من قضايا العضل مستغرب ومؤلم للغاية، فإذا لجأت الفتاة للقضاء ولم ينصفها، فلمن تلجأ بعده؟ وأكثر أسباب العضل هو الإصرار على تزويج الفتيات من نفس القبيلة أو الفخذ، والمفكرون والعلماء مسؤولون أمام الله عن هؤلاء الفتيات المعضولات المظلومات بحرمانهن من حقوقهن في الزواج والإنجاب، إذا رأوا الظلم وهم ساكتون".