يروي الكاتب المصري الراحل "أحمد بهاء الدين" ـ سبق لي ذكر الحكاية هنا ـ أن رجلا في إحدى ولايات إنجلترا يدعى "مارتن يونج" ضاق ذرعاً بانتشار وتزايد (الحفر) في شوارع مدينته ـ خاصة تلك التي تترك لفترة طويلة دون ردمها أو إعادتها لوضعها الطبيعي ـ فما كان منه إلا أن قام بحملة تحرٍّ واستقصاء واسعة للبحث عن مرتكب هذه الأعمال ومعرفة اسمه!
فكرة "يونج" تحمس لها كثيرون وقاموا بمساعدته.. حيث قاموا بالبحث معه عن الفاعلين ومن ثم قاموا بعمل لافتة بجوار كل حفرة، كتبوا عليها اسم من حفر هذه الحفرة سواء أكان جهة حكومية أم مؤسسة خاصة أم مواطناً!
والأجمل أنهم كتبوا بجوارها إشارة لاذعة بأن الفاعل ترك الحفرة ليقع فيها الناس!
طالبنا كثيرا بأن يتم رفع لوحة كبيرة جوار كل مشروع توضح اسم صاحب المؤسسة التي تنفذ المشروع والمدة التي سيستغرقها تنفيذ المشروع.. كنت أرى هذه الطريقة أداة ضاغطة على المقاول.. لعل هذه اللافتة تكون دافعا له للإخلاص في عمله ومراقبة الله في أعماله.. الناس سئمت هذه المعدات التي تحفر ليل نهار دون جدوى.. غبار في كل مكان.. ضجيج.. تحويلات هنا وهناك.. شوارع مغلقة.. سنة سنتين ثلاث.. دون بارقة أمل.. أضرار كبيرة .. لم تعد تجدي عبارات "نعمل لأجلكم ونأسف لإزعاجكم".. الضرر أصبح لا يطاق.. من المتسبب يقولون لك: المقاول.. من هو المقاول.. لا أحد يعرف؟
ألزموا المقاول أن يضع اسمه الشخصي على مكان بارز في أرض المشروع.. والمدة التي سيستغرقها تنفيذ المشروع.. وتاريخ انتهائه باليوم والساعة.. وارفعوا الحرج عن أنفسكم.
أهم مشاريع الدولة.. مشروع توسعة صحن الطواف، والذي تم عرضه أمام الملك يحفظه الله، يعرف الناس أن المقاول "بكر بن لادن" وأن المدة المحددة لتسليم المشروع هي ثلاث سنوات بالضبط تنتهي بنهاية موسم حج عام 1435 .. لماذا إذن لا أعرف اسم المقاول المتخاذل الذي هرب وترك تحويلاته على طريق رفحاء حفر الباطن منذ ثلاث سنوات، لتقتل الناس بدم بارد؟!