أكد عدد من أهالي مخطط "أم الخير" شرق جدة أمس ، أنهم دفعوا "تحويشة العمر" في فلل لينعموا بالراحة والاستقرار إلا أنهم استيقظوا على واقع مؤلم، إذ اكتشفوا أن الفلل بنيت على أرض "مغشوشة" تقع في مخطط على مجرى سيل، مشيرين إلى بؤس حالهم واضطرارهم للسكن بشقق الإيواء المفروشة التي جهزها الدفاع المدني لإغاثتهم.

دعاوى قضائية

وأوضح كل من أبو عبدالرحمن وعوض المالكي ومحمد الفقي، من أهالي أم الخير الذين أسكنهم الدفاع المدني في شقق "المقري" السكنية بالسليمانية، أنهم بصدد رفع شكوى إلى ديوان المظالم، مؤكدين تضامن عدد كبير من السكان مع رغباتهم، وأنهم سيطالبون الشركة المنفذة للمشروع بتعويضهم عما أصابهم من ضرر.

وأكدت أم فهد، أرملة وتعول 7 أطفال، أن حلمها غمرته سيول الأربعاء الحزين قبل عام، وهدمته سيول الخميس الماضي، وأنها بعد معاناة الشقق المستأجرة كانت تحلم بالاستقرار مع أطفالها الأيتام في فيلا اشترتها بمخطط أم الخير، مشيرة إلى أنها لم تكن تعلم بأن مصيرها الإيواء لقاء ما دفعته من مال تعتبره تحويشة عمرها.

وكشفت عن أنها سترفع دعوى على أمانة جدة، كونها التي شاركت في كارثة المخطط، وسمحت بالبناء عليه، وقامت ببيع الأرض للشركة، وقال المواطن أبو ماجد - موظف في قطاع حكومي – إنه دفع تحويشة عمره في هذا المخطط "المغشوش"، دفعته إلى اللجوء إلى مساكن الإيواء!

وأوضح أنه عاد للمرة الثانية على التوالي، وخلال عامين إلى السكن بالشقق المفروشة المجهزة للإيواء، بعد دخول المياه للطابق الثاني في مسكنه، تاركين هو وأسرته وراءهم منزلا مهدما، وأثاثا أتلفته السيول.

محاسبة المسؤولين

وانتقد المواطن صالح الجهني – من سكان نفس الحي - أمانة جدة التي سمحت للشركة ببناء فلل في مخطط يقع على مجرى السيل، مطالبا بمحاسبة كل مسؤول عن تلك الكوارث التي لحقت به وجيرانه.

ويرى جاره عبدالعال أن جميع سكان مخطط أم الخير غرر بهم من قبل الشركة المنفذة، وأمانة جدة، لقاء العرض السخي الذي قدمته الشركة المسوقة للمخطط عام 2005، عبر تقديمها سعرا منخفضا بالتقسيط، مما دفعنا للإسراع بالاستدانة من الأقارب، أو الحصول على قروض بنكية، أملا في أن نبتعد عن مشاكل الشقق المستأجرة.

وأوضح أنه بعد كل هذه المعاناة انكشفت لنا حقيقة "الغش"، وأننا وقعنا ضحية نفوس لا تعي قيمة هدر الأرواح والممتلكات، وتساءلت "أم نجود" - مديرة مدرسة مطلقة وتعول 5 بنات – عن الوقت المتبقي الذي ستقضيه برفقة بناتها تحت تهديد الغرق، والاستيقاظ على فاجعة جديدة.

وروت فوز العوفي معاناتها وأسرتها من سيول يوم أربعاء العام الماضي، وكيف أن الذكريات الحزينة لازمتهم طيلة عام، ثم عادت لتتحول إلى واقع من جديد، مبدية عزمها المطالبة القضائية بتعويض مادي عن الأضرار التي لحقت بها وبممتلكاتها.

مطلوب حل جذري

من جانبه، يرى الاستشاري المعماري المهندس عبد العزيز آل دليم، أن ملاك مخطط أم الخير في حاجة إلى حل جذري وسريع لإنقاذهم من كوارث جديدة، قبل تكبدهم مزيدا من الخسائر في الأرواح والممتلكات، وتطرق إلى حقيقة غائبة، هي الخلل التصميمي في المباني والفلل الواقعة في المخطط، ومخالفتها للتنفيذ الهندسي بالشكل المطلوب فنيا، وأن هذه الفلل لم تراع الشركة المنفذة أنها تقع في مجرى السيل القديم، بل كانت تصر على تحويل التضاريس الجغرافية الخطرة إلى مبان سكنية.

وقال إن الشركة أغلقت الجهة الغربية للموقع، وجعلت المنازل تقع في أمام هجمات المياه القادمة من الغرب لتصبح المنطقة السكنية أشبه ببحيرة تتجمع فيها مياه الأمطار، لتجعلها منطقة أشبه بكابوس مرعب.

وذكر أن المشروع قدمته شركة "إيواء الديرة" التي كانت تود تقديم مفهوم جديد للتطوير، قدمت من خلاله مشروع "أم الخير" الذي كانت تعزم فيه بناء 420 وحدة سكنية على مساحة 205 آلاف متر مربع، بتصاميم مختلفة، وتم تسويقه على مراحل متتالية، ولم تنفذ منه سوى 80 فيلا.

وأرجع آل دليم فشل مشاريع الشركة وإفلاسها إلى عدة أسباب، يتصدرها عدم تحديد الخطوط الرئيسية للمشروع، وإغفالها تصوير موقع المخطط، وعدم تنفيذ عملية الرفع المساحي لأرض المشروع، لقياس مدى ملاءمته للسكن.