تتزايد أعداد العاطلين والعاطلات عن العمل يوماً بعد يوم، خاصة ممن لم تكن البطالة اختيارهم، فهم ممن درسوا وسهروا وكابدوا من أجل الحصول على شهادة، خاصة من حملة الدبلومات والمعاهد الصحية، وكلما زاد عدد العاطلين زادت تصريحات المسؤولين ووعودهم، بعد أن أثبتت سياسة القمع أو التجاهل فشلها في أكثر من موقف, فهم يعدون الشباب بغد أفضل وبوظائف مرموقة، وبرواتب مغرية، كل هذا في الغد، ولا تكاد تجد لليوم ذكراً في تصريحات أحد منهم، فماذا يفعل هؤلاء الشباب حتى يأتي الغد البعيد أو القريب الذي وعدوهم به، سوى الانتظار، والانتظار دون دخل مادي في وضع اقتصادي كالذي نعيشه الآن، أشبه بالانتحار البطيء. ألم يسأل هذا المسؤول أو ذاك نفسه، من أين سينفق هؤلاء الشباب على أنفسهم وأهلهم – أحياناً – حتى يحين تحقق الوعد؟ خاصة أن تحقق بعض الوعود قد يتأخر، حتى تصل مدة الانتظار فيها إلى عشرة أو خمسة عشر عاماً، كما يحدث في وزارة التربية. فضلاً عن كون الكثير من الوعود التي يطلقها بعض المسؤولين وعوداً عرقوبية، تتخذ من التسويف شعاراً لها، لكنها لاتتحقق. ولعل أسوأ مايواجه الشباب العاطل عن العمل بعد الوعود العرقوبية - (نسبة إلى عرقوب) وهي شخصية تاريخية اشتهرت بإخلاف الوعود والتسويف - هو محاولة هدر دمه بين أكثر من وزارة ومؤسسة، كما يحدث أيضاً مع خريجي الدبلومات والمعاهد الصحية، فالصحة تحيلهم إلى الخدمة المدنية والخدمة المدنية تعيدهم إلى الصحة، والصحة تعيد توجيههم إلى القطاع الخاص. وينتهي بهم المطاف على أعتاب المستشفيات الخاصة، يساومونهم على دوام مجاني مقابل (شهادة خبرة) لاتسمن ولا تغني من جوع.

يجب على الجهات المختصه أن تنظر بجدية إلى سوء الوضع القائم، وأن تسرع بإيجاد حلول عاجلة لهؤلاء الشباب، وعدم المماطلة في تنفيذ توجيهات الدولة لإنهاء معاناتهم. أو أن تنتشلهم من بين أنياب البطالة، وتعيدهم إلى المقاعد الدراسية في دورات تدريبية مكثقة بمكافآت مجزية، لاتمام تعليمهم وتأهيلهم بما يتفق مع احتياجات الوزارة حالياً، هؤلاء الشباب لن تلهيهم الوعود مالم يرون سرعة إنفاذها، فحاجتهم إلى الحياة يومية متجددة ملحة، لاتعرف الانتظار.