في 20 فبراير 2010 في الصفحة الثانية من "الوطن" قال الزميل محمد السحيمي في زاوية "سحيميات": (الفرق بين "الحياد" الإعلامي الاحترافي و"الانحياد" الأيديولوجي تجده في برنامج "البيان التالي" من قناة "دليل"؛ حيث حُذفت جريدة "الوطن" من بين الصحف التي تتصدر شارة البرنامج!).

وعلى قناة "دليل" نفسها منتصف الأسبوع الماضي في الحلقة الأولى من برنامج "قال الكاتب" الذي يعده ويقدمه خالد الرفاعي، كانت "الوطن" هي الحاضر الأكبر بما أثارته من حراك في الساحة الإعلامية والمحلية، وبمشاركة كاتبها السابق محمد السحيمي كضيف رئيس صاخب، وبمداخلتين عميقتين لكاتبيها تركي الدخيل والدكتور علي الموسى.

لم يقل السحيمي جملته المذكورة أعلاه مرة أخرى وهو يظهر على قناة "دليل" متحدثا مع الرفاعي عن الرقابة، وكان يستطيع تمريرها بأسلوبه الساخر المحبب، فإلغاء صحيفة بعينها من الشارة يشكل بطريقة غير مباشرة ذروة الرقابة، وهل هناك أقسى من الإلغاء المطلق لكيان إعلامي بحجم "الوطن" تصدر مرحلة إعلامية هامة في تاريخ السعودية.

أجاد المقدم في استنطاق السحيمي واستفزازه أحيانا، غير أن الأخير تخلص باحتراف من المآزق "الرفاعية"، لكنه لم يقل كل ما يريد، خاصة أن جلّ حديثه كان عن فترة كتابته في "الوطن" التي أظهر وفاءه لها ولرؤساء تحريرها، وعن وزارة الثقافة والإعلام التي بالغ في اتهاماته لها، وعن "الرقيب" الذي غابت هويته أثناء الحوار فـ"ضاعت الطاسة" ـ وأحسبه تعمد تضييعها بدهاء ـ بين رقيب الوزارة ورقيب الصحيفة والرقيب الداخلي والهامش المتاح، علما بأنه لمّح إلى أن من تعاملوا معه في "الوطن" لم يكن أي منهم يمثل "الرقيب" بالمفهوم الذي سعت إليه الحلقة.

إلى ذلك، برغم اعتزازنا بتراثنا كل شيء له مكانه، وليت السحيمي مارس طقوسه المرحة على ديكور الاستوديو الذي يبدو أن من صممه ما زال يحسب أن الكتّاب يغمسون ريشة الطير في الدواة ويكتبون على الرقاع.. في زمن لم يبقَ فيه من أدوات الكتابة القديمة غير القصب الذي "يقطّه" الخطاطون ثم يبدعون لوحاتهم.

أخيراً أقول للصديق السحيمي: ننتظر جنونك، فالكتابة أمر يصعب اعتزاله.