تحدى الرئيس باراك أوباما الكونجرس الجديد الذي تزايدت فيه قدرات معارضيه عقب الانتخابات النصفية في نوفمبر الماضي بإصداره مرسوما رئاسيا عين بموجبه ثلاثة سفراء سبق أن جمد المجلس التشريعي تعيينهم، مستغلا فترة عطلات المجلس التي تتيح له حق تجاوزه.
فقد نص مرسوم الرئيس على إقرار ستة تعيينات لم يوافق عليها الكونجرس، من بينها ثلاثة تخص سفراء جدداً لسورية وتركيا وأذربيجان.
وكان قرار اختيار السفير روبرت فورد لشغل الموقع الأول في السفارة الأميركية بسورية قد واجه تجميدا من الجمهوريين في الكونجرس بدعوى أن فورد يتبنى سياسة لينة تجاه سورية وأنه سيفشل في نقل الموقف الأميركي الذي ينبغي أن يتضمن – حسب رأي معارضي الإدارة – معاقبة دمشق بسبب دعمها لحزب الله وحماس ومجموعات أخرى تصفها واشنطن بالإرهابية.
أمّا السفير الجديد في تركيا فرانسيس ريكاردوني فقد واجه معارضة من المتشددين في الكونجرس بدعوى أنه لم ينقل إلى مصر مواقف صارمة تتعلق بنشر الديموقراطية حين كان سفيرا للولايات المتحدة في القاهرة، وقاد مسؤول الشرق الأوسط السابق في مجلس الأمن القومي إيليوت أبرامز حملة معارضة ريكاردوني بعد أن كشف عما وصفه بتراخيه في تطبيق أجندة الإدارة السابقة تحت رئاسة جورج بوش.كما عين أوباما ماثيو بريزا سفيرا لدى أذربيجان ونورمان إيسين سفيرا لدى تشيكيا،وجيمس كول نائبا لوزير العدل، وجميع هذه التعيينات تلقى معارضة من الجمهوريين في الكونجرس.
ويتيح الدستور للرئيس إصدار مراسيم بقوانين خلال عطلات المجلس التشريعي شرط أن يقرها المجلس بعد ذلك خلال عام الانعقاد التالي.
ويعني ذلك أن الرئيس سيضطر إلى الحصول على موافقة الكونجرس على أي حال أو سيصدر مرسوما رئاسيا آخر بمد فترة عمل السفراء.
وكان بوش قد استخدم الحق ذاته لتعيين جون بولتون سفيرا للولايات المتحدة في الأمم المتحدة عام 2007 بعد ظهور معارضة ديموقراطية شديدة في الكونجرس لإقرار تعيينه.
بيد أن البيت الأبيض يرى أن معارضة الجمهوريين للإدارة الحالية لا يمكن أن تقارن بمعارضة الديموقراطيين للإدارة السابقة.
فقد وصف أحد مساعدي الرئيس ما يحدث وذلك في تصريح أدلى به من مقر إقامة أوباما خلال عطلته في هاواي حيث صدر القرار، ما يحدث بأنه "غير مسبوق".
ومن المتوقع أن يثير المرسوم غضبا شديدا لدى جمهوريي المجلس التشريعي الأميركي لاسيما في حالة روبرت فورد إذ إنه يبعث برسالة مفادها أن الرئيس سيواصل سياسة الانفتاح على بلدان يرى المتشددون ضرورة عزلها ومعاقبتها. فضلا عن ذلك فإن من المحتمل أن تقرر (أيباك) اللوبي الصهيوني في أميركا جعل المرسوم "موقعة سياسية" في مواجهة الإدارة لمواصلة الضغط عليها بهدف إدخال المزيد من التعديلات على سياستها الشرق أوسطية.
ورحبت أوساط سورية رسمية بخطوة الرئيس أوباما، معتبرة أن هذه خطوة من "شأنها أن تسهم في رفع مستوى التعاطي بين حكومتي البلدين برغم تأخر هذه الخطوة بعض الوقت".
وقال معاون وزير الخارجية السابق والعضو البارز حاليا في لجان تطوير فكر حزب البعث الحاكم التي أنشأتها قبل مدة القيادة السورية، السفير عيسى درويش، إن "الرئيس أوباما أعلن أكثر من مرة رغبته في العمل الجاد على إحلال السلام في المنطقة سواء عبر خطاباته من عواصم إقليمية فاعلة سواء في القاهرة أوأنقرة بعيد تسلمه مهامه أو من أماكن أخرى".
وأوضح أن "سورية بلد حاضر في المنطقة، من البحر حتى أفغانستان ومن مصلحة واشنطن العمل مع دمشق على أمن واستقرار المنطقة، فهذه الخطوة المتأخرة مرحب بها، خاصة أن لدمشق تقاطعاتها لدى شعوب المنطقة ومن الطبيعي أن تهتم الولايات المتحدة ببلد مثل سورية".