فرضت الاكتشافات الغازية التي أعلنت إسرائيل عنها في البحر الأبيض المتوسط على المسؤولين اللبنانيين، التفتيش عن مخرج يصون ثروتهم الطبيعية، والبحث عن مخارج تنقذهم في أزمتهم السياسية العاصفة، بعد أن تعطلت مؤسساتهم الدستورية في ظل الصراع على وجود المحكمة الدولية وقرارها الظني المرتقب. وسارع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تحميل الأكثرية عبر الحكومة، مسؤولية تعطيل تنفيذ قانون النفط، فيما حمل رئيس لجنة الطاقة في البرلمان النائب محمد قباني التقصير في مقاربة ملف الغاز لوزير الطاقة.
داهم تحدي الاكتشافات الغازية في البحر الأبيض المتوسط المسؤولين اللبنانيين وهم غارقون في أزمتهم السياسية العاصفة، فلا هم قادرون على وضع حد لتعطيل المؤسسات الدستورية بسبب الصراع على وجود المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وقرارها الظني المرتقب، ولاهم جاهزون، عبر المؤسسات الدستورية للتعاطي مع ملف الطاقة المكتشفة في مياه بحرية تتقاطع فيها المياه الإقليمية مع إسرائيل وقبرص بسبب عدم ترسيم الحدود البحرية للبنان.
وفي هذا الوقت الذي أعلنت إسرائيل عن نتائج مذهلة للتنقيب عن الغاز في حقل لفيتان غرب حيفا (16 تريليون قدم مكعب من الغاز)، وبالتزامن، أفادت تقديرات المعهد الجيولوجي الأميركي أن لبنان وقبرص يملكان أيضا، إلى جانب إسرائيل، مخزونات غاز هائلة، وأن الدولة الأولى التي تطور حقولها هي التي ستتمكن من بيع غازها لأوروبا.
وأحدث هذا الإعلان هزة في الوسط السياسي والاقتصادي اللبناني خصوصا أن الحكومة التي عليها اتخاذ المراسيم التطبيقية لقانون التنقيب عن النفط الذي أقره مجلس النواب منذ فترة غير قصيرة، معطلة وغير قادرة على الاجتماع بسبب أزمة المحكمة الدولية.
وسارع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تحميل الأكثرية، عبر الحكومة، مسؤولية تعطيل تنفيذ قانون النفط. وقال إن الإعلان الإسرائيلي عن مخزون حقل لفيتان "يجب أن يدفع لبنان إلى اتخاذ أربع خطوات متلازمة: الأولى، الإسراع في إصدار المراسيم التطبيقية لقانون النفط الذي أقره مجلس النواب، والثانية، الضغط على الأمم المتحدة لترسيم حدود لبنان البحرية مع فلسطين المحتلة خشية من أن تكون إسرائيل قد مدت يدها على آبارنا"، مستغربا تقاعس قوات اليونيفيل على هذا الصعيد، "وثالثا التدقيق في الاتفاق البحري بين قبرص وإسرائيل للتأكد من عدم المساس بالحقوق اللبنانية، ورابعا تكليف الشركات المختصة وفي طليعتها شركة إيطالية بارزة بمباشرة العمل في التنقيب عن النفط حتى نحفظ حقنا".
وأوضح بري أن المدير العام التنفيذي للشركة الإيطالية "أنفي" زاره في عين التينة وأبلغه أن "شركته أجرت دراسة حول بئر نفطي واحد في المياه اللبنانية وتبين لها أن قيمته توازي 76 مليار دولار، وهذا رقم يكفي لمعالجة الأزمة الاقتصادية وحتى للمساهمة في بناء الاستراتيجية الدفاعية"، مشيرا إلى أنه قال ذلك "لأعضاء طاولة الحوار ووزع عليهم نص تقرير شركة نرويجية يؤكد أن هناك مخزونا نفطيا كبيرا في قعر المياه اللبنانية، ولكن بعض المتحاورين شكك يومها في كلامي وأرقامي".
في المقابل حمل رئيس لجنة الطاقة النائب محمد قباني التقصير في مقاربة ملف الغاز لوزير الطاقة. وقال إن "الملف له عنوانان، الأول يتعلق ببطء الإدارة اللبنانية بكل مرافقها في التعاطي مع كل الأمور. والثاني التفرد الذي يقوم به الوزراء في كل قطاعاتهم". وأضاف أنه "عند إصدار قانون التنقيب عن النفط، شددنا على أن يدار القطاع من قبل ما يسمى هيئة إدارة قطاع البترول، التي يجب أن تتولى كل ما يتعلق بشؤون النفط بوصاية الوزير وبإشراف مجلس الوزراء". مشيرا إلى أن "مجلس النواب أقر القانون بسرعة صاروخية، أما المراسيم التطبيقية فتبدأ من عند الوزير المختص الذي يضع هذه المراسيم ويحولها إلى مجلس الوزراء ضمن القانون".
وتابع "لا يوجد شيء في وزارة النفط اليوم، لا توجد وزارة ولا مدير عام ولا رؤساء مصالح.. منذ ست سنوات حتى اليوم لا يوجد أحد في وزارة النفط إلا الوزير".
من جهة أخرى أشاد السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري بالجهود التي يبذلها الرئيس ميشال سليمان لإعادة إحياء طاولة الحوار، مؤكداً أن "المساعي السورية السعودية مستمرة". وقال إن "المبادرة يجب أن تكون من صنع اللبنانيين أنفسهم"، مشيراً إلى أن "المطلوب من حزب الله وسائر الفرقاء العودة إلى طاولة الحوار داخل الأبواب وليس خارجها"، لافتاً إلى أن "المملكة لا تتدخل في المحكمة الدولية"..