اتهم مشاركون في لقاء الخطاب الثقافي السعودي الثالث الذي اختتم أعماله أمس بجدة، "الصحافة السعودية" بأنها "المتهم رقم 1 في إثارة التصنيفات الفكرية ومحاولة بلبلة المجتمع المحلي من خلال الفلسفة المهنية التي تتبعها المؤسسات الصحفية".

وقال الشيخ محمد عبدالغني عطية في حديث خاص إلى "الوطن": يجب التفريق بين سياسة صحافة الأخبار، وسياسة صحافة الرأي. موضحاً أن سياسة الأخبار المتبعة من قبل المطبوعات الصحفية فيها نوع من التحيز من خلال عناوين المانشيتات أو من خلال مضامين معالجة المادة الصحفية، مستدركاً بالقول "تلك التصنيفات في سياسة الأخبار تسلب الناس حقوقهم، وفي أحايين كثيرة تصادر آراءهم الفكرية بناء على ذلك التمييز الإعلامي"، ويضيف العطية:" إلا أن سياسة صحافة الرأي المتبعة في المؤسسات الصحفية أقل حدة، فهي تحاول أن تنوع المدارس الفكرية والثقافية بل حتى المذهبية بشيء يقبل سياسة التعايش والتعددية الفكرية".

وتقاطعت ورقتا كل من أستاذ أصول الفقه المساعد، والعقيدة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة الأكاديميين محمد السعيدي ولطف الله بن ملا خوجة حول ما سمياه بـ "بالدور الأحادي والانحيازي في التصنيفات الفكرية من قبل المؤسسات الصحفية" وهو ما أطلقا عليه بحسب وصفهما :"التحيز نحو التيار الليبرالي"، معتبرين" أن ذلك يعزز من إثارة التصنيفات الفكرية في جانبها السيئ التي لا تخدم أسس الوحدة الوطنية"، وأشار لطف الله إلى أن هناك "إقصاءً يمارس من قبل وسائل الإعلام المحلية".

وأكد السعيدي في حديثه إلى "الوطن" أنه لا مانع من التصنيفات الفكرية التي تروج بين صحفنا المحلية" واضعاً لها ثلاثة شروط هي "أن يكون الوصف مطابقاً للموصوف في حقيقته على أرض الواقع، وأن يكون الموصوف راضياً بهذا الوصف، وأن يكون هذا الوصف مستمداً من ثقافتنا المحلية، لا من الثقافة الأجنبية المستوردة".

وكان للناقد حسين بافقيه رأي مختلف عما ذهب إليه السابقون من "كون أن التصنيفات الفكرية جزء لا يتجرأ من حالة الحراك الثقافي والاجتماعي التي يمر بها المجتمع السعودي"، وتساءل في حديثه إلى "الوطن" :"لماذا هذا القلق الكبير من تلك التصنيفات وهي جزء من عالمنا اليوم، وتمثل تنوعاً حقيقياً؟"، وأكد أن تلك التصنيفات تعد مهددة لو تعدت "الخطوط الحمراء حينما تصل لنهاية الإنسان نحو الجنة أو النار". يشار إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز رفض في حديث خاص له أقامه له أهالي منطقة القصيم في الثاني عشر من أغسطس 2008، التصنيفات الفكرية قائلاً:" إنني أرى أنه لا يتناسب مع مواد الشريعة السمحة ولا مع متطلبات الوحدة الوطنية أن يقوم البعض بجهل أو سوء نية بتقسيم المواطنين إلى تصنيفات ما أنزل الله بها من سلطان.. فهذا علماني.. وهذا ليبرالي.. وهذا منافق.. وهذا إسلامي متطرف.. وغيرها من التسميات.. والحقيقة هي أن الجميع مخلصون - إن شاء الله - لا نشك في عقيدة أحد أو وطنيته حتى يثبت بالدليل أن هناك ما يدعو للشك لا (سمح الله)"، وطالب المواطنين كافة وطلبة العلم والصحفيين والكتاب خاصة أن يترفعوا عن هذه الممارسات.