طالب وكيل وزارة الثقافة والإعلام السابق الدكتور عبدالعزيز السبيل بأن تسير المؤسسات الثقافية بما فيها الجامعات، على منوال مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.
وقال السبيل مساء أول من أمس في محاضرة له بنادي جدة الأدبي بعنوان "صناعة الفعل الثقافي" والتي تزامنت مع انعقاد جلسات الحوار الوطني: رأينا مستوى حرية الطرح في هذه الحوارات، وهي حوارات لم تبق في غرف مغلقة ولعدد محدود من المشاركين، بل أصبحت حوارات تنقل على الهواء مباشرة يتابعها القاصي والداني داخل الوطن وخارجه.
وتابع السبيل وهو يختتم ورقته: لعلنا بذلك نستطيع صناعة فعل ثقافي حقيقي ينفع الناس ويمكث في الأرض.
وكان السبيل قد مهد لمحاضرته باستشهادات نصية من القرآن الكريم والسنة النبوية ليدلل على قيمة عمارة الأرض التي دعا إليها القرآن الكريم، مشيرا إلى أن من أبرز المعضلات التي يواجهها الشباب، وتؤثر في الفعل الثقافي الحقيقي ذلك الفصل الكبير بين الأنشطة الثقافية والاجتماعية والدينية، قائلا: وكأن كل منها موجه لفئة دون أخرى، وأن هذه الأنشطة لا يصح أن تلتقي في مكان واحد أو يمارسها نفس الأشخاص.
وفي الوقت الذي انتظر فيه وتوقع الحاضرون أن يتحدث السبيل من واقع تجربته في وكالة وزارة الثقافية كأول وكيل لها، وطرح المعاناة التي وجدها ودفعته لطلب التقاعد المبكر، إلا أن السبيل مال إلى الحديث عن العموميات نأيا عن التطرق لتجربته الشخصية إلا في لفتات عابرة ومعبرة.
وكان من النقاط التي اعتبرها عدد من المراقبين لافتة في ورقته إشارته إلى أنه "عند الحديث عن صناعة الفعل الثقافي، لا يمكن إغفال موضوع الأمن"، وأضاف موضحا: تجدر الإشارة إلى نوعين من الأمن. الأمن الاجتماعي والسياسي، وهذا تعنى به جميع الدول وغالبا ما تكون الجهات الأمنية على اختلاف تخصصاتها واهتماماتها هي المسؤولة عنه. لكن ما يعنيني هنا هو الأمن الثقافي والفكري. وهذا يفترض أن يكون من مسؤولية المؤسسات الثقافية التي كثيرا ما يوجه لها اللوم أنها لا تقوم بدورها بشكل إيجابي كبير. لافتا إلى أنه لعل أحد الأسباب حرص الجهات الأمنية على توجيه هذه المؤسسات ضمن الرؤية الأمنية السياسية والاجتماعية، في حين أن للمؤسسة الثقافية رؤيتها من منطلقات ثقافية وفكرية دون أن تغفل الهاجس الأمني، لكنها بالتأكيد أقل حساسية في هذا الجانب من منطلق قاعدتها أن تحقيق الأمن الاجتماعي والسياسي لا يكون بمزيد من الحذر من اللقاءات الثقافية وطلب تأجيل بعض المحاضرات والندوات.
ولم يتردد السبيل في القول: إن سياسة المنع لا تكلف كثيرا، فهي السهل والأقصر طريقا، وربما الأضمن على مستوى الرؤية الإدارية، المحدودة بالمستقبل القريب. ثم تساءل بسؤال قال عنه إنه (يكبر ويكبر): لكن هل هي الأصلح للمجتمع والدولة والمستقبل والوطن؟
واعتبر السبيل أن العاملين في المؤسسات الثقافية على مستوى من الوعي الثقافي والحس الوطني والحرص الأمني، ذاهبا إلى أن الثقة بهذه المؤسسات ومنحها المزيد من الحريات المنضبطة، ستجعلها تؤدي دورها بإيجابية أكثر وسيتجه إليها الأفراد والجماعات لمناقشة قضاياهم والتعبير عما يؤرقهم من هموم اجتماعية وسياسية وإدارية، وهنا نتحول من السر إلى العلن وتصبح الأفكار مكشوفة ويكون الجمع أكثر إحساسا بالمسؤولية تجاه أنفسهم، وتجاه المجتمع والوطن. وتأكد أن السبيل يتحدث من واقع تجربته بشكل خفي حين قال: ومن واقع التجربة يتضح أن إعطاء الحريات يوجد إحساسا أكبر بالمسؤولية.