كالعادة يغيب رجال المرور عند أول قطرة مطر في مدينة جدة. ويتركون المدينة العجوز تواجه البلل وفوضى الاختناقات المرورية في كل شارع رئيس وفرعي يؤدي إلى المدارس والمؤسسات التعليمية.
يتساءل الأهالي أين ذاب آلاف رجال المرور الذين ينتشرون فوق كل متر مربع وفي كل الشوارع والطرقات بسياراتهم عند الحملات التوعوية بنظام ساهر أو بيوم المرور السنوي.
منذ نحو أسبوع أطلقت مصلحة الأرصاد وحماية البيئة توقعاتها بطقس ممطر يجتاح المنطقة الغربية ابتداء من صباح أمس وحتى الأحد المقبل، وأعلنت الأجهزة الحكومية عن استعداداتها لمواجهة أية كوارث طبيعية تقارب ما حدث في كارثة سيول جدة العام الماضي.. النتيجة أن المطر جاء في الموعد، وأن استعدادات الأجهزة الحكومية لم تكن أكثر من تصريحات إعلامية للاستهلاك المحلي.
كان الأجدى تعليق الدراسة أمس، صونا لأرواح الصغار من خطر متوقع، وكان مفيدا أكثر لو انتشرت قوى الأمن ورجال المرور لتنظيم الحركة المرورية وضمان انسياب الحركة بفك الاختناقات والمخالفات التي يتسبب بها قائدوالمركبات بدافع من التعجل وكسر كل الأعراف المرورية.
في الساعات الأولى من صباح أمس، غابت الشمس، وزحفت قوافل السحب الركامية لتغطي سماء جدة.. المدارس الحكومية والخاصة أرسلت رسائل نصية عبر الهواتف المحمولة للأهالي بضرورة استلام أبنائهم الطلاب والطالبات قبل غزارة الأمطار..وعند العاشرة بدت الشوارع مكتظة بالسيارات وهي تحاول الوصول إلى مدارس الأبناء.. وفي العاشرة والنصف بدأ هطول المطر الغزير، ليزداد التوتر في الشوارع، والخوف من سيول جارفة يرونها مكتنزة في السحب السوداء القريبة فوق رؤوسهم مباشرة.. وفي الحادية عشرة والنصف بدأت وتيرة الأمطار تخف قليلا مع قدوم رياح شمالية دفعت بخطر السحب عن المدينة التي تغرق دائما في شبر ماء. . وعند الواحدة ظهرا الزحام مازال كثيفا في الشوارع، وأعصاب سائقي السيارات استمرت في الانفلات وهم محبوسون خلف مقود سياراتهم وسط تلبك مروري حاد، سببه الرئيس اندفاعهم للوصول أولا، وعمقه غياب رجال المرور عن أداء دورهم الرئيس في تنظيم الحركة المرورية.
اليوم الخميس، وغدا الجمعة، وستتكرر الصورة "حضر المطر، وانتشرت الفوضى في الشوارع، وننتظر تدخل رجال المرور".