هل هي مجرد سقطة مهنية أم مهنية السقوط؛ تلك بدأها قبل سنوات المذيع اللبناني مالك مكتبي عبر برنامجه الهالك (أحمر بالخط العريض) حين تفاعل الرأي العام السعودي بشدة ضد برنامجه، وضد من سمي بالمجاهر بالرذيلة، أليست السرقة رذيلة أيضاً؟
في برنامج (قضية رأي عام) بقناة روتانا خليجية والذي يقدمه المذيع ياسر العمرو لم أكن اصدق ما أشاهده، كان الموضوع عالم سرقة السيارات، وهي ظاهرة مزعجة لاشك، ولكن سرقة السيارات ليست من قضايا الرأي العام كالتي يقدمها مثلاً على ذات القناة برنامج (يا هلا) للمذيع المتألق علي العلياني، ولو تبادل البرنامجان العناوين لكان ذلك للحقيقة أقرب. الحقيقة أن قضية سرقة السيارات في البدء كانت قضية رأي خاص لياسر العمرو، وهو يعترف بأن سيارته سرقت عدة مرات، وأنا لا أعترض هنا على طرح قضية سرقة السيارات كظاهرة، ولكن الرأي العام أولاً لم يتشكل حولها في الإعلام، فهي حالات فردية، ولم يكن أيضاً البرنامج موفقاً في طرح المشكلة، بل إنه وضع نفسه تحت طائلة القانون لو تحرك الرأي العام ضده.
في البرنامج ببساطة يؤتى بلصين ملثمين يقابلهما مذيع آخر، يعترفان له بسرقتهما للسيارات، ويشرح أحدهما كيفية سرقة السيارة في حال التشغيل وفنون وطرق السرقة، وماذا يفعل بالسيارة فيما بعد من عبث، عبر التفحيط وكسب المال بعد تفكيكها وبيعها في ورش السيارات، ويحرض الشباب ويحول السرقة لمهنة ممتعة توافق نزعات المراهقين للإثارة، نحن إزاء مشكلة متطابقة تماماً مع تلك الحلقة الشهيرة لذلك الشاب الذي نال عقابه وهو يعترف بممارسة الرذيلة ويحرض عليها، نحن أمام لصين يجاهران بالسرقة، والسرقة رذيلة واعتداء على حقوق الآخرين وأمن المجتمع! في هذه الحلقة مشكلة تحاصر البرنامج من جهتين، فلو كان صدقاً ما قاله اللصان فنحن أمام مجاهرين بالرذيلة يستحقان عليها العقاب، وإن كان مجرد مشهد تمثيلي فالبرنامج يجاهر بالكذب بوازع الإثارة!
ياسر العمرو مذيع مثقف له رصيد مهني جيد يؤكد سعة أفقه، ولكنه قدم لنا إساءة بالغة، ربما بدون قصد، ولكن اللوم عليه يزداد، فالنيات الجيدة لا تكفي لجعل الرأي العام ضده وضد أولئك اللصوص!!