رحم الله محمد صلاح الدين الدندراوي الذي فقدناه قبيل تصرم أيام رمضان. كان فقد محمد صلاح الدين مصيبة، وقد أثرى كثيرمن الزملاء الساحة في الكتابة عن مآثر الفقيد، رحمه الله، وتجاوز عنه، ورفع درجته. الحقيقة أني لم أكن أعرف محمد صلاح الدين، رحمة الله عليه، بشكل شخصي. ولا ينقصه، غفر الله له، عدم معرفتي له، مع أني كنت أعرفه جيداً، وأحبه نتيجة هذه المعرفة. قد يبدو الموضوع لغزاً، لكنه ليس كذلك.

محمد صلاح الدين، علم على رأسه نار، تسمع به من كل من احتك به، ذات اليمين وذات الشمال، وبخاصة من عمل في الحقل الإسلامي في الحجاز عامة وجدة خاصة.

لكني تعرفت على محمد صلاح الدين، أنزل الله عليه شآبيب الرحمة، من خلال كريمته، زميلتنا في قناة العربية، سارة الدندراوي. منذ ما يزيد على خمس سنوات، وسارة، تعمل في قناة العربية، بين عشرات الجنسيات، من شرق العالم وغربة. لا تتكيء على جنسيتها السعودية، بل على أخلاق عالية، واحترافية راقية، واحترام لا يمكن لكل من تعامل معها إلا أن يكنه لها، كما تمحضه إياه.

من يربي فتاة مثل سارة، لا يمكن إلا أن يكون خلق في منزله بيئة إيجابية، فاعلة، تعمق الإيجابيات، وتركز على الثقة، وتغمس التفاؤل، وتحرض على الخير في الإنسان، سواء أكان ذكراً أو أنثى. لم يخجل محمد صلاح الدين الدندراوي من وجه ابته سارة، التي لم تكتف بالعمل في دبي، بل ظهرت على شاشة التلفاز، بل دعمها لتكون بكل هذه الثقة، والقناعة بشخصيتها. لا ألغي الدور الذاتي لزميلتنا التي ندعو الله أن يربط على قلبها، وأن يحسن لها العزاء على فقد أبيها، فالدورالذاتي عظيم، وعظيم جداً، لكن معظم الأدوارالإيجابية، تُبنى من حيث البيت الطبيعي، الذي يعزز في الناس ثقتهم بأنفسهم، ولا يفترض فيهم السوء قبل الخير، ويربيهم على الجميل، حتى إذا امتلأوا به، لم يُضره أن يقذف بهم، إلى أي مكان، فقد باتوا كالصحيح لذاته، القائم بنفسه، لا على غيره.

أحسن الله عزاء الجميع في محمد صلاح الدين، فرغم أني لا أعرفه شخصياً، إلا أني أعرف تماماً أن من يرعى بيتاً تخرج منه سارة، لا يمكن إلا أن يكون شخصاً رائعاً وعظيماً.