في ظل المساعي والمبادرات الرائدة التي تقدمها لنا الشركات ذات الجنسيات المتعددة والمحلية في مجالات المسؤولية الاجتماعية، يصر كثير من الشركات المنغلقة اجتماعيا على أن تبقى "غريبة" في مجتمع سمح لها أن تمارس أنشطتها الاستثمارية بين ظهرانيه، ففي الوقت الذي تتسابق فيه قلة من الشركات على إشراك عملياتها وتوظيف أنشطتها في خدمة مجتمعاتها ضمن برامجها الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية، بل وصل الأمر في بعض هذه الشركات الناجحة أن بدأت بإصدار يعرف بالسجل الاجتماعي بشكل سنوي، كل ذلك يعد تعاملاً ذكياً ويحقق مفهوم النمو المسؤول والمستدام. يقابله على النقيض تماماً صمت الغالبية العظمى من الشركات الكبيرة والناجحة لتقف آخر الصف، بالرغم من استمرارها في أعمالها التوسعية دون الالتفات إلى هذا الدور المهم، فضلاً عن كون بعض هذه الأنشطة ما قد يشكل ضرراً بالمجتمع كالمنتجات الغذائية غير الصحية أو المنتجات الصحية الضعيفة أو كالأضرار البيئية وغيرها.
إن من أهم أهداف القيادات الناجحة أن تجعل أعمال منشآتها وأنشطتها تصب في مصلحة المجتمع الذي تعيش فيه، فالمجتمع لا ينتظر دعماً على سبيل الحسنة أو الصدقة، بل هو رد الجميل والعرفان لهذا المجتمع الذي احتضننا جميعاً، نعم إنه نحن، نحن أنفسنا وآباؤنا وأبناؤنا، فنحن المجتمع نفسه.
فالمتوقع من قيادات الشركات على أقل تقدير وانطلاقاً من مسؤولياتهم الاجتماعية التأكد من إيقاف أي ضرر قد يلحق بهذا المجتمع جراء الأنشطة الاستثمارية التي تقوم بها هذه الشركات، فضلاً عن واجبها تجاه موظفيها بتطويرهم وملامسة احتياجاتهم وخلق بيئة عمل محفزة ومستقرة. من المتأمل أن يحذو جميع الشركات المنعزلة اجتماعيا حذو تلك التي سبقتها وتفوقت عليها، حتى لا تكن غريبة في مجتمعاتها وحتى لا تقف آخر الصف.