إن كان من شيء سيشغلك عن متابعة افتتاح كأس العالم أمس! فهو برنامج " America's got talent"، الذي تعرضه قناة "mbc4" كل يوم جمعة/ ليلة سبت ـ منعاً للاختلاط ولو عارضاً ـ وسؤال انشغالك هو: ما الذي يميز هذا البرنامج عن عشرات البرامج المشابهة؛ من إثارةٍ تسمر اهتمامك أمامه؛ فلا تغير المحطة حتى مع فاصلٍ إعلاني؟ وبالمناسبة: ألا تلاحظون أنه قصيرٌ جداً؛ بحيث لا يسمح بتسرب الملل، كما في برامج المسابقات العربانية؟ مايعني أن القائمين عليه وضعوا ذلك في حسبانهم؛ باحترافية تمنعهم من الانجراف وراء الكسب المادي البحت من المعلن، كما ينجرف أشباه المحترفين! ورغم أنهم لا يتركون المتسابقين للتصويت "الجماهيري" إلا في المرحلة النهائية، التي تقتصر على عشرة متسابقين ثم خمسة، فإنهم يحققون أضعاف ما يحققه العربان من أرقامٍ فلكية! الاحترافية هي الفرق بين: استثمارهم لصالح "الجميع" وأولهم المتسابقون، وأكل منتجي "بني يعرب" المتسابقين والمشاهدين لحماً ورميهم عظماً! إنهم ينطلقون من ثقافة: "اكسب أكبر ما تستطيع بتقديم أفضل ما لديك"، بينما تقوم ثقافتنا نحن على :"اكسب أكبر ما تستطيع بأوسع حيلةٍ لأكل أموال الناس بالباطل"! ومبدؤهم: "كلما أرضيت الدقون دفعت لك أكثر"، ومبدؤنا ـ إن وجد ـ هو: "كلما ضحكت على الدقون كسبت أكثر"! وها هي قناة "الجزيرة الرياضية" تؤكد أنه لا استثناء في ثقافة "التطفيف" العربانية، ليس لاستغلال وكلائها ليلة كأس العالم لرفع الأسعار؛ كما نشرت "الوطن" أمس، بل في أن كثيراً من المشتركين لم يشاهدوا افتتاح كأس العالم؛ لأن القناة لم تتكرم عليهم بالإشارة، رغم اشتراكهم قبلها بوقتٍ كافٍ! ليقضوا يوم أمس في الاتصال بالأرقام التي وضعتها القناة على بطاقتها، ولا "صدى يوصل/ ولاباقي أنين"! ويزيد من غبنهم أنهم لا يدرون لمن يشكون استخفاف "الجزيرة الرياضية"، وقبلها الـ" art"؟!

دعونا منهم، وتأملوا الرسالة الإعلامية السامية، التي يقدمها برنامج "America's got talent" الذي نستأذنكم في التوسع في تحليله في النشرة القادمة، بدءاً من العنوان، وانتهاءً بالاحتفاء المدهش بالمواهب، مروراً بممارسة النقد الصارم الساخر؛ بوصفه وقود الإبداع، وليس "الطبطبة" على رؤوس الأيتام، التي نمارسها حتى مع من ابتليت بهم الساحة من جيل جدتي "حمدة" وسيارتها/ "دوج حمر والرفارف سود"!

أما سؤال عنوان اليوم، فإذا عرفتمتن أنه كان موجوداً في برنامج / "مسرح التلفزيون"، منذ افتتاح التلفزيون منتصف الستينات الميلادية، فهل تمتلكون مراراتٍ نتساءل بها: لماذا فقدنا أشياءنا البسيطة الجميلة، هكذا مجاناً؟