بدأت إيران أمس تطبيق برنامج لإلغاء الدعم الحكومي على السلع الاستهلاكية الضرورية ولاسيما أسعار المحروقات. وتنوي توزيع حصص مالية على المستهلكين من محدودي الدخل مقابل تحرير أسعار المحروقات على نحو يوفر للخزينة الإيرانية ما يتراوح بين 50 و80 مليار دولار سنويا طبقا لتقديرات صندوق النقد الدولي.
وتباينت تقديرات الخبراء الأميركيين المعنيين بالشؤون الإيرانية حول التأثيرات المتوقعة لإلغاء الدعم على المحروقات في الشارع الإيراني. فبينما ذهب الأستاذ في جامعة جورج تاون حسين العسكري إلى القول إن الإجراء يعبر عن عمق الأزمة التي تواجهها الحكومة الإيرانية وإن ردة الفعل في الشارع ستكون المزيد من السخط على الأوضاع الاقتصادية، فإن مسؤول الملف الإيراني السابق في مجلس الأمن القومي فلينت ليفريت يعتقد أنه بوسع الحكومة استيعاب ردة الفعل، وإن كان يقر بأنها ستشكل ضغطا إضافيا على طهران في عملية التفاوض الصعبة التي تدور الآن.
وأكد النائب الإيراني حسين أنصاري لـ"الوطن" أن تطبيق الخطة الاقتصادية التي أقرها الرئيس محمود أحمدي نجاد جاء في وقت غير مناسب، لأن البلاد تعيش في ظل عقوبات اقتصادية دولية. وقال" لا أحد يعترض على الخطة، لكن الاعتراض على توقيتها غير المناسب، وذلك سيترك آثارا سلبية على المواطنين".
وبحسب المتابعة الميدانية لـ"الوطن" فإن ارتفاع الأسعار لم يقتصر على المحروقات ( البنزين والنفط والجاز أويل)، بل شمل المواد الأساسية مثل المواد الغذائية والألبان والزيوت، وكذلك الخبز.
وقال مسؤول محطة للوقود في طهران يدعى محمد حسيني، إن سعر الليتر من البنزين ارتفع أربع مرات عن الليتر الذي كان مدعوما من الحكومة بألف ريال إيراني (10 سنتات) لكل ليتر من كمية 60 لترا لكل شهر، إلى أربعة آلاف ريال (40 سنتا) لكل ليتر. ولشراء كميات من البنزين تزيد عن الستين ليترا ستكون قيمة اللتر الواحد سبعة آلاف ريال (70 سنتا). وقال رئيس مكتب إدارة النقل والوقود الإيراني محمد رويانيان "إن كمية الوقود المدعوم ستتقلص من 45 مليون ليتر يوميا إلى 39 مليون ليتر".
وإلى جانب ارتفاع أسعار المحروقات أعلن التلفزيون الإيراني عن أسعار جديدة للمواد الغذائية التي تشكل العصب الرئيسي للمواطن في حياته اليومية، حيث ارتفعت أسعارها ثلاثة أضعاف عن سعرها السابق، وخاصة الحبوب والزيوت والألبان.
وتعدى ارتفاع الأسعار إلى الحاجات الضرورية مثل أجور الكهرباء التي سترتفع إلى( 2.7% ) عن السعر القديم والغاز إلى 5% والماء إلى (2%) ورغيف الخبز إلى (3%).
وبالنسبة للكهرباء والماء فقد أنذرت الحكومة المواطنين بأن أسعاره سترتفع مع ارتفاع استهلاكهم.
وقد أبلغ الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد البنوك بدفع حصص نقدية للمواطنين، حيث سيكون لكل فرد (85 دولارا) لفترة الـ60 يوما الماضية. وبحسب أوامر الحكومة فإن تلك المبالغ ستبقى في حساب العوائل ولا تقدم لها في الظرف الراهن، خوفا من حصول تضخم مالي في السيولة النقدية للحكومة.
وفي نفس السياق تتأهب الولايات المتحدة لفرض جولة إضافية من العقوبات ضد إيران من شأنها توسعة قائمة المسؤولين الذين يشملهم حظر السفر وتجميد الأموال والممتلكات في الخارج، فيما أشارت تقارير أميركية متعددة إلى احتمال تأجيل جولة المفاوضات المقبلة بين مجموعة 5+1 التي تضم الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن دول المجموعة قد تؤجل أو تنسحب من المفاوضات كلية بسبب الاعتقاد السائد بين دبلوماسيي الدول الأعضاء في المجموعة بأن طهران تتلكأ في اتخاذ القرارات الاستراتيجية الضرورية لحل قضية الملف النووي. وفيما استبعد خبراء أميركيون انسحاب المجموعة من المفاوضات فإن بعض التفسيرات وضعت تقرير الصحيفة في سياق الضغط على كل من إدارة الرئيس باراك أوباما وطهران لدفع واشنطن لتقليل الأهمية النسبية للحل الدبلوماسي إذا ما استمر موقف إيران على ما هو عليه ولدفع طهران إلى تبني مواقف أكثر جدية من المفاوضات حتى يتسنى تحقيق الهدف منها إذا ما استمرت.