مشاكل الخادمات لا تنتهي، ولا تتوقف حيل الخادمات ووسطائهن عند حد في استغلال الأسر. وقد تذمرت سيدات التقت "الوطن" بهن من مكر الخادمات والوسطاء بينهن، وطالبن بفتح الباب بشكل مقنن أمام مكاتب العمالة لاستقدام خادمات يعملن بالنظام المؤقت أو المدد المحددة لمواجهة تلك السوق السوداء التي يعاني منها الكثير من الأسر. وتقول أم سعيد: إن كل مرة تحضر فيها خادمة من قبل وسيطة تأخذ منها 200 ريال, وما تلبث أن تهرب من المنزل بعد يوم أو يومين حتى وصل بهن المكر والخداع إلى ادعاء أنهن تلقين مكالمات من أزواجهن بضرورة الحضور وإلا سوف يطلقونهن. وتقول أم سعيد: تحت تلك العبارات والأعذار القهرية لا أجد بدا من السماح لها بالذهاب على أن تعود في اليوم التالي بعد أن تسوي أوضاعها مع زوجها وأسرتها, إلا أنني فوجئت بعد ذلك بأن نفس تلك المقولة قد قيلت لزميلات لي في العمل من قبل خادماتهن اللاتي يتبعن جميعا نفس الطريقة في الهروب من البيوت. وتقول أم رزمي: إن معاناتها لم تختلف عن الأخريات، وإن رفضت الخادمة العمل في بادئ الأمر بحجة عدم تخصيص غرفة مستقلة لها بمفردها. وتابعت: كانت الخادمة تتلقى أكثر من 50 اتصالا عبر جوالها خلال اليوم، وفي النهاية تطلب السماح لها بالخروج إلى مقر سكن جماعتها لأن لديها مشكلة وفعلا سمحت لها بذلك على أن تعود سريعا, غير أنني طوال الأسبوع اللاحق لذلك الموقف كنت أتصل بها لأجد جوالها مغلقا, حتى تيقنت بأنها مكرت علي على الرغم من أنني أعطيها راتب 1500 ريال بخلاف المكرمات. وأضافت: كلما أحضرت خادمة من قبل وسيطة من نفس بني جلدتها تصر على أخذ مبلغ 200 ريال وأحيانا 500 ريال كأتعاب لها، ونظرا لحاجتي الملحة للخادمة أخضع لتحقيق رغبتها. وقد تبين لي فيما بعد أنهن يتفقن مع بعضهن البعض على أن تلك الأتعاب يتم اقتسامها فيما بينهما عندما ترجع الخادمة إلى مقر السكن, حيث يجتمعن أكثر من 10 خادمات من الحبشة وعلى مقربة منهن مقر آخر لسكن تقيم فيه 12 تشادية وغانية تتزعمهن أقدمهن إقامة بالمملكة وأكثرهن سطوة عليهن, حيث يمتثلن لأوامرها وطلباتها نظير تقديم الخدمات لهن من سكن وإعاشة واتصالات.

وتقول فادية عبدالسلام: أحضرت خادمة غانية من المدينة المنورة بعد أن أعطيت الوسيطة مبلغ 300 ريال، ولما وصلت إلى مقر السكن بمكة المكرمة اكتشفت أن الخادمة استخدمتني أنا وزوجي وسيارتنا كوسيلة مواصلات لكي تحضر بها إلى مكة المكرمة، موفرين لها الأمان ونقل أمتعتها وفور وصولنا هربت. وكلما حاولنا الاتصال بها على الجوال لا ترد علينا، ولما اتصلنا على الوسيطة أخبرتنا بأنها لا تعلم عنها شيئا, ولما كررنا الاتصال من جوال آخر قالت: إنها تريد العمل, وذلك بعد أن أفهمناها أننا أسرة أخرى تبحث عن خادمة. وأضافت: هن بذلك يستفدن من حاجة السيدات السعوديات لخادمات وخصوصا العاملات منهن، كما يشجعهن على ذلك أن أنظمة الاستقدام ومكاتب الاستقدام تتسبب في تأخر استقدام الخادمة. وقالت: الكثير من الخادمات اللاتي تم إحضارهن على كفالتنا قبل ذلك هربن، وقد كلفنا ذلك مبالغ كبيرة. وغالبا ما كانت تتم عملية هروب الخادمة بعد قضاء 3 أشهر معنا في البيت. وبعد أن أرهقنا كثيرا هروب الخادمات بعد المعاناة لفترات طويلة مع مكاتب الاستقدام والخادمات. لم نجد أمامنا غير اللجوء إلى الوسيطات المقيمات لتوفير الخادمات لنا, لنقع في دوامة جديدة من النصب والخداع.

وتقول كوثر خالد: أنا معلمة، وأحتاج إلى خادمة ولكن أصبح بيتي محطة للخادمات، فقد أحضرت أكثر من 5 خادمات ولم نترك حيا إلا ودخلناه لإحضار خادمة منه من خلال وسيطات كن يسعين إلى التكسب من ورائنا. وكل الخادمات يهربن لأن هناك اتفاقا بينهن وبين الوسيطة كي يكررن الخدعة ويحصلن على المزيد من الأموال من خلال الانتقال من منزل إلى آخر ومن ضحية إلى أخرى. وتروي كوثر قصة أخرى عن تدليل الخادمات وشراء رضائهن حتى لا يهربن فتقول: إحدى قريباتي:أسكنت خادمتها المخالفة في ملحق بالمنزل بعد أن اكتشفت أن الوسيطة بدأت تمكر بها وتمارس سطوتها عليها, حيث أجبرتها على الهرب والانتقال إلى العمل لدى سيدة أخرى وإلا سوف تطردها. فما كان منها إلا أن أسكنتها في منزلها هي وزوجها حتى تضمن عدم هروبها مرة أخرى. وبالطبع كانت إقامتهما بالكامل مجانية من كهرباء وماء وسكن وحتى إعاشة, كل ذلك نظير أن تبقى الخادمة فقط. واقترحت أن يتم فتح المجال أمام مكاتب الاستقدام لإمكانية تأجير الخادمات لمواجهة هذه السوق السوداء التي تحولت إلى ظاهرة.

"الوطن" حاولت مناقشة القضية مع عدد من أصحاب مكاتب العمالة فرفضوا التحدث بدعوى أن ذلك باب للرزق. وبالاستفسار من إدارة جوازات العاصمة المقدسة عن الإجراءات المتخذة لمواجهة تلك الظاهرة طلبت إرسال الاستفسار عبر الفاكس، وكان الرد هاتفيا بالاعتذار عن التصريح.