يعاني كثيرٌ من المثقفين والكُتَّاب وطلبة العلم والأساتذة والمدرسين والطلاب وغيرهم من ظاهرة رداءة خطوطهم، وعدم قدرتهم على الكتابة بشكلٍ واضحٍ وجميلٍ، حتى إن الحال قد يصل عند البعض منهم إلى درجةٍ لا تسمح له بقراءة ما يكتبه ولو حاول ذلك بنفسه!
وتأتي مُشكلة رداءة الخط المكتوب عند الكثيرين لأسبابٍ عديدةٍ ومُتنوعة، قد يكون من أبرزها ما يلي:
أولاً: إن بعض أصحاب الخطوط الرديئة لم يكن يُلقي بالاً للكتابة في بداية عهده بها، ولم يهتم بتحسين خطه منذ بداية تعلمه للكتابة، إما لعدم التركيز في تعليمه على مهاراتها أو لعدم المتابعة والحرص من معلميه، ولاسيما في بداية فترة تعليمه.
ثانيًا: إن التعليم الذي حظي به أصحاب هذه الفئة لم يكن يُركِّز - فيما يبدو - على مهارة الكتابة بشكلٍ جيد، حيث كان الاهتمام منصبًا على مهاراتٍ أُخرى كالقراءة والحفظ ونحوهما، الأمر الذي أسهم بشكلٍ كبيرٍ في رداءة الخط عند الكثيرين.
ثالثًا: إن تعليمهم الكتابة جاء في فترة مبكرة من العمر؛ بمعنى أنهم لم يكونوا مستعدين عضويًا لتعلم تلك المهارة، ولم تكن عضلات الأصابع قد نضجت واستعدت بالصورة المناسبة لمثل هذه المهارة؛ فكانت النتيجة رداءة الخط وعدم القدرة على تحسين تلك المهارة أو صعوبة ذلك فيما بعد، وهذه الحالة مشابهة لمن يحاول تعليم الطفل الرضيع المشي قبل نضوج عضلات الساقين فتكون النتيجة إصابة الطفل بتقوسٍ في عظام الساقين، وما يتبع ذلك من تأخر القدرة على المشي.
رابعًا: عدم الاهتمام بالخط من لدن بعض المعلمين في المراحل الأولى، وتساهلهم في العناية به كجانبٍ تعليميٍ مهاريٍ لازمٍ للصغار؛ وخاصةٍ مدرسي مادة الخط الذين ليسوا من المتخصصين، وربما كانوا غير ملمّين بقواعد الخط وفنونه، بل إن بعضهم قد يكون رديء الخط، وهنا يتأكد أن فاقد الشيء لا يعطيه.
وليس هذا فحسب، فهناك أسبابٌ أُخرى لا يسمح المجال بالاستطراد في ذكرها وتعدادها؛ إلا أن المهم في الأمر يتمثل في كيفية علاج هذه الظاهرة الذي يجب أن نعلم أنه غير مستحيل بإذن الله سبحانه، ويمكن أن يتم بطرقٍ مختلفةٍ ووسائل متعددة، كأن يحاول أصحاب الخطوط الرديئة تعويد أنفسهم على عدم العجلة، والتدرُّب على التأني عند الكتابة، ومحاولة تقليد الخطوط الجميلة والمطبوعة قدر المستطاع.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن من المهم جدًا الاعتماد على النفس في محاولة تحسين وتجميل الكتابة، كما أنه قد ينفع إلى حد ما الالتحاق بدورات تحسين الخطوط التي تنظمها بعض الجهات التعليمية شريطة أن تكون تطبيقيةً وغير تنظيرية . وهنا لا بد من التأكيد على أن العلاج الأمثل لهذه الظاهرة يعتمد في المقام الأول على مدى رغبة وعزم وإصرار صاحب الخط الرديء على تحسين خطه؛ فلا شيء مستحيل بإذن الله تعالى؛ لأن الكتابة في مُجملها لا تعدو كونها مهارةً تحصُل بالتعلم وتُكتسب بالممارسة.
فيا من تُعانون من رداءة خُطوطكم وعدم وضوحها، لا تقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذه الإشكالية التي تُعانون منها في حياتكم.
واعلموا - بارك الله فيكم - أن الحلول في هذا الشأن مُمكنةٌ، وغيرُ مُستحيلة متى رغبتم في ذلك، وحرصتم عليه، وبذلتم لأجله شيئاً من الوقت والجهد، والله الهادي إلى سواء السبيل.