كتاب لا يتجاوز عدد صفحاته الثلاثين ، كتبه أب لطفلته التي تعاني من صعوبة في النوم. الكتاب يحقق الآن رواجا كبيراً في أميركا، خاصة بين الآباء الذين يعاني أبناؤهم من أعراض مشابهة. حقق أفضل مبيعات على موقع "أمازون. كوم"، وتجري حاليا ترجمته إلى عشرين لغة، بالإضافة إلى خطط لتحويله إلى عمل سينمائي.
الكتاب تكون من 14 قصيدة، كل منها لا تتجاوز الأربعة أسطر مع ورود كلمة "اللعنة"-ما يقابلها في العامية الإنجليزية-في السطر الأخير من كل قصيدة تعبيرا عن الإحباط البالغ والدفين، لدى الأب إزاء طقوس نوم صغيرته. مؤلف الكتاب هو أدم مانسباخ أستاذ للأدب بجامعة روتجرز في نيوبروزنزويك،. قال الأستاذ الجامعي (34 عاما) للصحافة: " الأمر ليس أني لا أحب ابنتي" ، لكن تلك العملية الدقيقة ،عملية نوم الفتاة، تستغرق أكثر من ساعتين من الفترة الوحيدة التي يكون فيها غير مشغول، تجعل استياءه يتزايد وكان بحاجة تجعلها تخلد للنوم. في البداية، عبر عن احباطات اختبار الصبر اليومي الذي يخضع له، عبر موقع "فيس بوك". شجعه أصدقاؤه على تأليف كتاب عن الطقوس التي يتبعها مع ابنته كي تنام. وقال مانسباخ إن الأمر استغرقه ظهيرة يوم واحد لتدوين القصائد. ثم عثر على ناشر بسرعة كبيرة نسبيا.
ماذا يعني أن تكتب لطفلك ، كي تحل مشكلة؟ عربيا يبدو السؤال غير محبب ، لأن فعل القراءة بالأساس غير محبب، بله شئ هامشي في حياتنا، ربما يصل حد وصفنا له بالترف، رغم أننا ( أمة اقرأ) كما نحب أن نردد دائما في (خراطنا) الذي لا ينتهي .
لا أريد أن أوغل فيما يسمونه(جلد الذات) ، لكنني أريد أن أتذكر تجربة عربية ، مماثلة لما فعله مانسباخ. بطلها الكاتب المغربي/ الفرنسي والروائي الحائز على جائزة غونكور الفرنسية الطاهر بن جلون.
ففي أواخر تسعينيات القرن الماضي أعلن التزامه بالكفاح ضد العنصرية من خلال مشاركته في التظاهر بفرنسا إبان تنامي حملات عنصرية ضد الأجانب هناك، ورغبته بمعالجة ظاهرة العنصرية بكل أشكالها وأقنعتها، وفي كل مواقعها وأزمنتها. لأن العنصرية ليست موجهة فقط ضد المهاجرين المتحدرين من أصل عربي أو إلى الأفارقة الموجودين في فرنسا. فهناك ممارسات عنصرية في رواندا ويوغوسلافيا السابقة وجنوب أفريقيا وغيرها من الأماكن التي يذكرها.
ولما كانت طفلته الفرنسية المتحدرة من أصل عربي تعاني من العنصرية رأى أن يشرحها لها عبر كتاب ذهب فيه إلى فضح السلوك العنصري وتحليل شخصية العنصري في كل الأزمنة والمواقع. وضع النص أساساً كرد على أسئلة ابنته التي استوضحته عن العنصرية، أثناء ذهابهما معاً للمشاركة في تظاهرة ضد قوانين جديدة للهجرة. ماذا؟ هل يمكن أن نكتب شيئا لأطفالنا تأسيسا على ما فعله مانسباخ وبن جلون؟