على ارتفاع خمسة آلاف قدم عن مستوى البحر، حلّقت "الوطن" مع طائرة الدايموند رقم (AZ-SA01) لتقطع الشريط الجوي، معلنة تدشين مدرسة طيران هي الأولى من نوعها ليس في المملكة وحسب، بل على مستوى منطقتي الخليج العربي والشرق الأوسط، كما بين ذلك مدير التدريب بالأكاديمية السعودية للطيران المعروفة بـ(SAFA)، الكابتن الأميركي كريس كوكاي في حديث خص به "الوطن" التي جابت معه سماء جدة.

حديث السماء

كوكاي كان يتحدث لنا ونحن برفقته، فاردا جناحي طائرته لهواء عروس البحر الأحمر، وهو يقود أول طائرة تدريبية من نوع "الدايموند" ذات المحرك الواحد، شارحا لنا عن التجربة المقبلة، بقوله: "الأكاديمية التي وصل الاستثمار فيها إلى نحو 300 مليون ريال سعودي ستكون منافسا قويا على مستوى مدارس طيران الشرق الأوسط، بل وحتى المدارس العالمية الأخرى". مشيرا إلى أن الأكاديمية حين الانتهاء من كافة استعداداتها ستكون قادرة على تدريب 200 ملاح جوي على أرفع المستويات الدولية، حيث تقام مبانيها على مساحة قدرها 50 ألف متر مربع، وتقدم برنامجين متوازيين لتدريب المرشحين الراغبين في قيادة الطائرات كمحترفين أو هواة.

بداية قريبة

أكد مدير التدريب أن في "نهاية يناير المقبل 2011 ستبدأ الدراسة التدريبية لستة طلاب سعوديين كمرحلة أولى" بمقرها بمطار الثمامة الذي يبعد 28 كلم إلى شمال شرق مطار الملك خالد الدولي في مدينة الرياض، على أن الطاقة الاستيعابية للمدرسة تبلغ 200 دارس في العام الواحد، حيث يدرس الطالب قرابة 13 شهرا من التطبيق العملي والنظري الأكاديمي ليخرج بعدها حاملا رخصة طيران دولية، وقادرا على أن يقود "أي طائرة حديثة من الحجم الكبير كالبوينج والإيرباص".

وصول الطائرات

وصول طائرات الدايموند التي تبلغ قيمة الواحدة منها ما بين 300 ـ 350 ألف دولار أميركي لها قصة تحد أيضا، حيث استغرق وصولها حتى جدة رحلة سفر لمدة يومين، بمعدل 24 ساعة طيران من النمسا لصربيا، ثم لتركيا ومصر عبر البحر الأبيض المتوسط، وحتى وصولها عروس البحر الأحمر، حيث واجهت الطائرة الصغيرة طقوسا جوية شديدة وصعبة ما بين صربيا وتركيا.

خبراء متعددون

تشير المعلومات المستقاة من الأكاديمية السعودية للطيران إلى أن فريق التدريب الأساسي يتكون من خبراء مدربين أميركيين، وأوروبيين، وكذلك من جنوب أفريقيا وأستراليا للتأكد من امتلاك الطلاب كافة المهارات اللازمة ليكونوا ملاحين منضبطين.

معايير القبول

معايير القبول والشروط بالأكاديمية في السنوات الثلاث الأولى ستكون للسعوديين، وبعدها سيسمح لغيرهم من الجنسيات الأخرى بالالتحاق بالأكاديمية، شرط اللغة الإنجليزية المتقنة (التوفل) معيار مهم للقبول، الفئة العمرية من (17 ـ 25 سنة) ستكون هي البداية الأولى على أن يسمح لبقية الأعمار الأخرى بالالتحاق في أوقات لاحقة من مرور فترة تدريبية محددة، وبالنسبة لهواة الطيران على الطائرة الصغيرة "ذات المحرك الواحد والاثنين" ستكون هناك برامج خاصة لهم في المستقبل القريب.

الشغف بالطيران

في الغلاف الجوي كان الكابتن كوكاي يتحدث ـ ضمنيا ـ عن أهمية أن يكون المتقدم شغوفا بالطيران، حيث يحكي عن نفسه أنه منذ كان صغيرا كان يعلم أنه "سيصبح طائرا في الجو"، ويقول: لم أتخرج من مرحلة الدراسة الثانوية العامة "إلا وأنا أحمل رخصة هواية الطيران لألتحق بعدها بكلية خاصة للتدريب على الطيران"، كوكاي عمل في مجالات مختلفة في عالم الطيران خاصة التجاري، ولكنه كان يتفاعل كثيرا مع عالم تدريب ملاحي طيران المستقبل، وقضى كوكاي ـ في منتصف العقد الرابع من العمر ـ أكثر حياته في التدريب.

تقييم المتقدمين

الشغف وحده لن يكون كافيا رغم أهميته في التعلم السريع، حيث يقول لنا كوكاي: إن كافة المتدربين سيخضعون لعملية انتقاء إجبارية تشمل لقاءات تقييم شخصية على أكثر من مستوى، إضافة إلى تقييم معرفة المتقدمين باللغة الإنجليزية قبل أن يتم قبولهم، ولا يعني ذلك أنه سيكون على الراغبين في التسجيل الانتظار طويلا قبل أن يحصلوا على أماكنهم في تلك الدورات، مشيرا إلى أن المنهج الذي ستقدمه الأكاديمية سيتم اعتماده من قبل هيئة الطيران السعودية بما يتوافق مع أفضل المعايير والممارسات الدولية، وذلك من أجل تمكين الطلاب عديمي الخبرة من حيازة المهارات والشهادات اللازمة من أجل الطيران كمحترفين أو هواة، كما يتكون الفريق الأساسي من المدربين الخبراء من الولايات المتحدة الأميركية، وأوروبا، وجنوب أفريقيا، وأستراليا، والآتين للتأكد من امتلاك كافة الطلاب المهارات، والثقة والشهادات اللازمة لأن يكونوا ملاحين آمنين، وقادرين ومنضبطين.

طائرات مجهزة

كل طائرة مكيفة ستحوي جهاز تتبع ملاحي عبر الأقمار الصناعية يمكنّنا من متابعة تحرك الأسطول لحظة بلحظة، وذلك من أجل المزيد من الأمن. إضافة إلى ذلك، فإن كل طائرة ستكون مزودة بأدوات تسجيل صوتية ومرئية، وذلك من شأنه مساعدة الطلاب على التعلم بشكل أكثر كفاءة وبأقل كلفة كما سيساعدهم على تحسين قدرتهم على اتخاذ القرارات بأسرع وقت ممكن. وهذا يقلل من حدوث الأخطاء البشرية، وهي السبب الأكبر في حوادث الطيران حول العالم.

الدفعات الأولى

وكانت الأكاديمية استلمت طائرتين تمثلان أول دفعة من الطائرات التدريبية، وهي أول نتاج الاتفاقية التي ستحصل بموجبها الأكاديمية على 20 طائرة تدريبية و12 جهازا ذا تقنية متقدمة للتدريب على الطيران وتعرف الأجهزة باسم "أجهزة المحاكاة". وتمثل هذه الصفقة نواة توجيه الأكاديمية المتقدم للتدريب على الطيران، وستلعب هذه الأدوات الحديثة دورا هاما في دعم هدف الأكاديمية السعودية للطيران الرامي إلى تخريج طيارين يتمتعون ليس فقط بالقدرة على التحكم بالطيران، ولكن طيارين متشربين ثقافة الأمان فوق أي اعتبار. وقد تم وضع المنهج الحديث الذي ستتبعه الأكاديمية من قبل خبراء دوليين لخدمة الهدف الأساسي للأكاديمية، وهو توفير دعم لنمو قطاع الطيران في المملكة.

تعزيزات قادمة

وستتسلم الأكاديمية 12 طائرة من طراز "DA40 NG" خلال السنوات الخمس المقبلة (اثنتين عام 2011 ومثلهما عام 2013 وواحدة عام 2014 واثنتين عام 2015). كما ستتسلم أكاديمية الطيران 6 طائرات تدريبية إضافية من طراز "DA42 NG" متعدد المحركات والذي يعتبره كثيرون الأكثر تقدما تقنيا. وستصل هذه الطائرات لأكاديمية الطيران ابتداء من مايو 2011. ومع نهاية 2015 سيكون للأكاديمية أسطول مكون من 14 طائرة "DA40 NG" ذات المحرك الواحد وست طائرات "DA42 NG" ذات المحركات المتعددة، إضافة إلى 12 جهاز محاكاة ذي تقنية متقدمة للتدريب على الطيران.

مميزات الدايموند

تتميز طائرة الدايموند "DA40 NG" بأنها ذات 4 مقاعد ومحرك واحد، وهي مبنية من المواد المركبة ويتم تصنيعها في كل من كندا والنمسا. الطائرة تحمل توقيع شركة "مصانع طائرات دايموند" التي تأسست عام 1981 تحت اسم "هوفمان فلجزيباو" بمدينة فريساتش بالنمسا. وتحرص الأكاديمية على اقتناء آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجال الطائرات وأجهزة محاكاة الطيران. حيث اختارت الأكاديمية السعودية للطيران الجيل الجديد من الطائرات ذات التقنية المتقدمة DA40/42 NG من شركة "دايمونت إيركرافت"، وأدوات التدريب ذات المستوى السادس التي تعمل على تطوير قدرات التحكم اليدوي والإلكتروني.

في المقدمة

وفي تصريح سابق لـ"الوطن" أكد العضو المنتدب للأكاديمية الأمير بندر بن خالد الفيصل، أن الأكاديمية تعد أفضل من 90% من مدارس الطيران في أميركا وتسهل معادلتها بالرخص حول العالم، وهي مبنية على نظام الطيران السعودي المعتمد من قبل هيئة الطيران المدني المبني أساسا على نظام هيئة الطيران الأميركية والمشابه لنظام هيئة الطيران الأوروبي. وقال: إن النظام العالمي للطيران يعتبر متساويا حول العالم، والرخصة السعودية تمكن الحاصل عليها من معادلتها بسهولة بأي رخصة، وكذلك الحصول على الرخصة التي تخص البلد الآخر بعد إتمام الإجراءات المتبعة لديهم. وأوضح الأمير بندر أن هناك اتفاقيات تعاون تُجرى بين الأكاديمية التي بُني برنامجها وهيئ لخدمة الطيران التجاري، وبين النواقل والشركات في المملكة، بحيث يتمكن خريج الثانوية من التسجيل بالأكاديمية بعد 13 إلى 14 شهرا ويتخرج بشهادة تؤهله للعمل في المجال التجاري. وبين الأمير بندر أن الملتحق بالأكاديمية يستطيع الحصول على رخصة هاوٍ أو رخصة طيران تجاري، ويمر للحصول عليها بعدد من الإجراءات هي الرخصة الأولية التي تعطيه الأساسيات، تليها رخصة القيادة باستخدام أجهزة الملاحة دون استخدام العين المجردة، تليها رخصة قيادة طائرة بأكثر من محرك، بعدها رخصة الطيران التجاري، ثم رخصة القيادة في شركات النقل الجوي والتي يستحقها بعد إتمام 1500 ساعة طيران. مشيرا إلى أن فترة التدريب تعطيه فقط ما بين 150 و200 ساعة. وفي المملكة، الشركات تعطي للخريجين فرصة العمل كطيار مساعد حتى إتمام الساعات المطلوبة منه لحاجتها لطيارين. فيما يضطر الخريج بالخارج إلى العمل في أكاديميات التدريب حتى يتم فترة الساعات الخاصة به والحصول على الرخصة التي تمكنه من العمل كطيار في شركات النقل الجوي.


تقنية عالية من الطائرات التدريبية

أوضح العضو المنتدب للأكاديمية السعودية للطيران الكابتن وليام رو لـ"الوطن" أن منطقة الشرق الأوسط ستكون بحاجة 20 ألف طيار خلال الأعوام العشرة المقبلة، أي بنسبة 2000 طيار في العام الواحد.

•أنشئت الأكاديمية السعودية للطيران بهدف سد حاجة هذا القطاع من الطيارين بالإضافة إلى دعم هذا القطاع وتنميته في المملكة العربية السعودية.

• تهدف الأكاديمية إلى تخريج جيل من الملاحين الآمنين وفائقي المهارة بحيث يكونون على مستويات رفيعة من الانضباط والقدرة على اتخاد القرارات الملاحية السليمة.

•الأكاديمية ستستخدم أحدث التقنيات للتدريب على مستوى العالم، كما ستعمل على الاستعانة بنخبة من الخبرات الدولية ذات الكفاءات العالية لضمان تأهيل طلاب ومنتسبي الأكاديمية على أعلى المستويات.

•طائرات الدايموند النمساوية تحوي جهاز تتبع ملاحياً عبر الأقمار الصناعية، يمكّن من تتبع تحرك الأسطول لحظة بلحظة، من أجل مزيد من الأمن.

•كل طائرة ستكون مزودة بأدوات تسجيل صوتية ومرئية ومن شأن ذلك أن يساعد الطلاب على التعلم بشكل أكبر كفاءة، وبأقل كلفة، مما سيساعدهم على اتخاذ القرار بأسرع وقت، ويقلل من حدوث الأخطاء البشرية، وهي السبب الأكبر في حوادث الطيران حول العالم.