وصف بعض العلماء (قابل التوب) سبحانه فقال: (... الله يقبل ويستقبل) قال صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: عبدي.. لو أتيتني بقراب الأرض خطايا لأتيتك بقرابها مغفرة ما لم تشرك بي)، فقابل التوب سبحانه: مخرجك.. حين يحيط بك خطيئتك، المتنفس.. حين تضغط عليك سيئتك، تخفيف أحمالك.. حين تثقل ظهرك أوزارك، أمانك .. حين ترى أنك الهالك بمعصيتك، وهذه الأربعة كلها هي حقيقة قوله سبحانه (لا تقنطوا من رحمة الله)..

قابل التوب سبحانه يشتد غضبه على من يحول بينه وبين عبده الذي يريد سبحانه أن يعشمه فيه بأنه يقبله متى أتى، في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم في رجل قال لآخر: والله لا يغفر الله لفلان، فيقول الله تعالى عندها: (من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان، أشهدكم أني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك)..

قابل التوب موجود.. حاضر لا يغيب.. هو هو أقبلت أم لم تقبل، ألم يقل صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: (إن الله تعالى يبسط يده - متى؟ - بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها) ..

قابل التوب سبحانه يرقيك في منازل قبول التوبة ومنازل ذلك خمسة هي:

- رجاؤك فيه أن يقبلك

- استيحاشك حالك من دونه

- ظنك بنفسك أنك هالك ما دمت على حالك

- الندم وكثرة التحسر، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الندم توبة ) الصحيحة 2164

- إبداؤك الضعف لطلب عونه وإعلانك العجز لقلتك وهوانك على نفسك والشيطان ، وفي الدعاء النبوي: (اللهم ارحمنا رحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك)

بعد المراتب الخمس

- قابل التوب سبحانه يحب كما قال ابن القيم رحمه الله أن يكمل لعبده إذا أقبل مقام العبودية (الذل) له كي يتمم نعمته عليه، فيكون حاله بعد الذي كان أحسن مما كان عليه كما قال في وصف داود عليه السلام (فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب) والمعنى: حُسن المنقلب..

- ومقامات الذل والعبودية للمقبل على قابل التوب:

1) ذل المحب لمحبوبه (الله أفرح بتوبة أحدكم) وما يأتي بما هو حُسن ما عرفته عنه واستحضارك سعته و ودّه فهو حفيظ الودّ سبحانه ..

2) ذل المملوك لمالكه حين يقول: (كلي لك) و (ومن أكون سواك) و (أنا المذنب وأنت العفو) و (ما لي غيرك) و (عادتي الإساءة وعادتك الإحسان) و (أنا أهل أن أعصي وأنت أهلٌ أن تغفر)..

3) ذل الجاني بين يدي من أحسن إليه وأنعم عليه (خيرك إلينا نازل وشرنا إليك صاعد ) و (تتحبب إلينا بالنعم ونتبغض إليك بالمعاصي) ..

4) ذل العاجز عن جميع مصالحه وحاجاته بين يدي القادر عليها كلها (أصلح لي شأني و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين) و (أنا الهالك إن لم ترحمني)..

هيا الآن نختم بوصية عن الحسن البصري قال فيها: (أكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقاتكم وأسواقكم وفي مجالسكم أينما كنتم، فإنكم لا تدرون متى تنزل مغفرته ويتم عفوه)..