ملياردير سعودي يرفض الاعتراف بأبنائه من زوجة أجنبية, قصة فرضت نفسها على قائمة محاور ندوة ناقشت أوضاع ومشاكل الأسر السعودية المنقطعة في الخارج. انتقاد حاد للسفارات السعودية بالخارج، ومطالبات بتوحيد الفتوى مع الأزهر لإيضاح الرأي الشرعي في تقليعات هذه "الزيجات" التي استغلها البعض لتحقيق مصالح شخصية وملذات عابرة.
ندوة "الأسر السعودية في الخارج" التي نظمتها ديوانية المرحوم معتوق شلبي بالرياض مساء أول من أمس, كشفت عن أسباب التناقض في الأرقام المعلنة عن الأسر السعودية المهجورة في الخارج. وأوضح مستشار الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج "أواصر" الدكتور علي الحناكي أن العدد الحقيقي لتلك الأسر هو 672 أسرة تضم 1936 فرداً، وموزعة في 21 دولة. ونفى الحناكي ما نشر في بعض وسائل الإعلام العربية من أرقام فلكية حول الظاهرة, محملا في الوقت ذاته الإعلام السعودي مسؤولية تضخيم العدد.
ولكن الحناكي عاد ليقول إن أعداد تلك الأسر كبيرة, وبعضها غير معلن بسبب رغبة بعض الأسر المكتفية مادياً والتي لا ترغب في التقدم للجمعية.
وتتصدر سورية قائمة الأسر السعودية في الخارج بـ 276 أسرة تضم 706 أفراد، تليها البحرين بـ103 أسر بإجمالي 452 فردا، فالكويت بـ72 أسرة بواقع 246 فردا، أما عدد الأسر السعودية في مصر 72 أسرة تتكون من 130 فردا، وفي الأردن 39 أسرة تتكون من 124 فردا، والمغرب 25 أسرة بـ67 فردا، ولبنان 16 أسرة بـ27 فردا، والإمارات 9 أسر بواقع 37 فردا، بالإضافة إلى أسر في كندا وغيرها، معلناً عن انتصار المرأة في دولة البوسنة والهرسك حيث لم تتجاوز الأسر هناك اثنتين فقط.
وفي منعرج آخر للقضية, ظهرت بعض الأصوات المنادية بإصدار فتوى متفق عليها في الدول العربية حول بعض الزيجات المثيرة للجدل التي تم إطلاق بعض المسميات عليها مثل زواج الأصدقاء وزواج المسيار وزواج المسفار والمتعة وغيرها.
ورد الحناكي على ذلك بقوله إن صدور فتوى رسمية متفق عليها أمر مستحيل, في ظل إباحة بعض الدول لمثل هذه الزيجات وتورط البعض فيها, والمشكلة أن هناك سعوديين اعتمدوا على مثل هذه الفتاوى.
عودة 23 أسرة فقط
من بين 672 أسرة سعودية في الخارج, عادت 23 أسرة إلى أرض الوطن, على الرغم من جدية الجهات المسؤولة حيال حل مشكلات هؤلاء وتصحيح أوضاعهم.
الحناكي يقول إن "أواصر" تقوم حاليا برعاية الأسر المسجلة رسميا في السفارات, مبينا أن الجمعية تحصل على إعانة سنوية من وزارة الشؤون الاجتماعية قدرها 5 ملايين ريال وأن هذه الإعانة ليست كافية. وطالب وزارتي المالية والشؤون الاجتماعية مضاعفة المخصصات لأن أعداد الأسر تتضاعف وذلك يضاعف مسؤوليات الجمعية.
"يا ابن الهندية"!
أما العوائق التي تحول دون عودة أبناء الأسر السعودية المحتاجة إلى المملكة فبعضها يتعلق بنشأة الأبناء على عادات وتقاليد بلدان أمهاتهم، ورغبة الأبناء في البقاء بجوار أمهاتهم وأخوالهم، وعدم تقبل بعض أعمامهم لهم والتشبث بعدم الاعتراف بهم، بالإضافة إلى الاستهزاء بالأبناء من أبناء عمومتهم بعبارات كـ"يا ابن الهندية، والمصرية، وغيرها" الأمر الذي يجبر الابن على العودة لأمه في موطنها.
ووصف الحناكي تلك الزيجات بأنها "دعارة في الغالب", مستدلاً بزواج أشخاص من نساء وهن على ذمم رجال آخرين، أو لم ينته البعض منهن من عدتهن، وهناك سماسرة وخاطبات يعملون على تسهيل تلك الأمور واصطياد السعوديين لحظة الوصول إلى مطارات تلك الدول, إضافة إلى تمكينهم من معاينة نساء مجهولات قبل الارتباط بهن.
وحذر الحناكي من تطور هذه الظاهرة قائلا "لو تركت الأمور دون قرار حازم للحد من الظاهرة, فستنتشر بشكل كبير".
من جانب آخر, تتحرك جهات أمنية سعودية لإيقاع عقوبات ضد المتقاعسين عن رعاية أبنائهم.
المشاهد التي كان يسردها الحناكي وهي لقطات سريعة عن حياة بعض السعوديين في الخارج كانت معبرة, فيحكي قصصا لأطباء وصيادلة ومهندسين في بعض الدول وهم من آباء سعوديين, لكنهم بعد مرور تلك السنوات لا يعرفون أهلهم في المملكة.
بينما يسرد قصة أخرى عن مواطن تخلى عن زوجته غير المسلمة بعد أن أنجب منها عددا من الأبناء, وهذا الأمر طبعا ترك الخيار للسيدة على أن تقوم بتربية أبنائها على عاداتها وديانتها, وحسب الحناكي, فهذا ما يفسر دخول بعض المواطنين في الإسلام, إذ إنهم في الحقيقة أبناء لسعوديين تزوجوا في الخارج من نساء غير مسلمات.
أسباب الزيجات
أسباب الإقدام على الزواج من أجنبيات تتلخص, حسب الحناكي, في عدة أمور منها عدم حصول الزوج على موافقة رسمية من الجهات المعنية بالزواج من أجنبية، وعدم رغبة بعضهم أن يعلم أبناؤهم في الداخل بزواجه من أجنبية، مما يخلق مشاكل كثيرة بعد وفاة الزوج، وظهور زوجة له وأبناء في الخارج، فقد يرفض الأبناء والزوجة في الداخل الاعتراف بهم طمعا في الميراث، معترفاً بوجود أسر سعودية عالقة في الخارج تقطعت بهم السبل ولا يجدون من يعولهم مما دعا بعض سفارات المملكة خاصة في مصر وسورية والبحرين إنشاء صناديق خيرية لدعم هذه الأسر.
وأضاف الحناكي أنه من حق هؤلاء الأطفال والأبناء السعوديين وأمهم الحصول على الأوراق الرسمية التي تثبت نسبهم, كي يتمكن الأبناء من العودة إلى المملكة. وقال إن الجمعية تسعى لإقناع الأهالي بالاعتراف بأبنائهم في الخارج حفاظاً على أعراضهم.
كرسي لرعاية الأسر المهجورة
وكشف الحناكي عن البدء في الإعداد لتأسيس كرسي الأمير نايف لرعاية الأسر السعودية في الخارج، يكون في إحدى الجامعات السعودية للمساهمة في دراسة ضوابط الزواج من الخارج، وعلاقته بارتفاع المهور، وزيادة نسبة العنوسة والطلاق، والمشكلات التي تعترض الأسر السعودية في الخارج، بالإضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات عن الأسر السعودية في الخارج، ولماذا يهرب أبناؤنا للزواج من الخارج، ودور الجهات القضائية والمحاكم تجاه هذا الزواج.
بيروقراطية بعض السفارات
من جانبه، انتقد رئيس مجلس إدارة الجمعية الدكتور توفيق السويلم طريقة تعامل بعض سفارات المملكة في الخارج في قضايا الأسر السعودية المنقطعة في بعض الدول. وقال "ثمة بيروقراطية في بعض السفارات تسببت في عدم تمكن بعض الأسر من الدخول لها وإيصال همومها لنا، متجاهلة حديث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للسفراء بعدم إغلاق أبوابهم في وجوه السعوديين".
تنكر ملياردير سعودي
وكشف السويلم عن تنكر ملياردير سعودي ـ رفض الكشف عن اسمه ـ لأبنائه وعدم اعترافه بهم بالرغم من تمتع الشخص بأموال ليس لها حد، وأنه قام بالتبليغ عن الشخص وتقديم شكوى لأمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز لبحث موضوع "الملياردير المتنكر". واعترف السويلم بأن بعض الأبناء يحملون أسماء تنتمي لبلدانهم كـ"جون، وستيوارد" وفي الحقيقة فإنهم ينتمون لقبائل سعودية معروفة.
السويلم أكد في حديث خاص مختصر إلى "الوطن" عقب الحفل، أن عدد الأسر السعودية بالخارج زاد بواقع 80 أسرة خلال العام الماضي عن الذي قبله، وذلك عن طريق البحث عن الأسر واكتشاف تلك الزيادة.