تداولت كلمات المتحدثين الرئيسيين، والمعلقين، وأوراق العمل المقدمة من كبار المثقفين والمفكرين، أهمية أن يكون للجيل الصاعد دور في صياغة المستقبل الذي اختلف حوله الضيوف من "خط اليمين، لخط اليسار"، لكن ما لا يعلمه المثقفون، وجود فئة من الشباب والبنات، كانوا خلف صناعة وجودة "مستقبل المؤتمر" "الناجح تنظيمياً بامتياز" وفقاً للضيوف.
رصدت مشاهدات "الوطن" مجموعات "العمل الشبابية" في مختلف مجالات "خدمة المؤتمر"، تسجيل الحضور، واستصدار البطاقات التعريفية، مجموعة عمل اللجنة الإعلامية التي تجتمع منذ الصباح الباكر حتى ساعات متأخرة من الليل للسعي إلى إصدار المطبوعات الإعلامية التوثيقية لليوم التالي في المؤتمر.
الشباب فعلياً وواقعياً رسموا مستقبلهم من خلال المؤتمر التاسع للفكر العربي الذي انقضت فعالياته أمس بالعاصمة اللبنانية بيروت، إلا أن خططهم للمستقبل قد "بدأت للتو"، كما تقول ماري إنج زريفة (29 عاماً)، التي عملت خلال شهر ونصف قبل انعقاد المؤتمر الفكري، وتشير في حديثها إلى "الوطن" إلى أنها "عملت خلال الفترة السابقة في تسجيل الضيوف، وتأكيد حضورهم للمؤتمر" معتبرة هذه العملية "مرهقة في التواصل مع الضيوف"، لتنتقل بعد ذلك للعمل في "تأمين العشاء للضيوف وإجراء التنسيقات في ذلك"، وبخوض هذه التجربة ذهبت ماري إلى أنها "سترسم مستقبلها القادم بامتياز".
في الجهة المقابلة، ترى المتطوع السعودي الشاب عمر باوزير أمامك، مفتخراً بزيه "الوطني"، ويتحدد إطار عمل عمر بالمؤتمر في "التنظيم بين الشركات المشاركة في الرعاية، ومؤسسة الفكر العربي.
عمر الذي يعمل بشركة أرامكو يشير في حديثه إلى "الوطن"، إلى أن "مؤسسة الفكر عبر مؤتمرها التاسع أفردت جزءاً كبيراً من خططها وورش عملها للشباب، مساهمة من أمير الشباب الأمير خالد الفيصل في تنشيط حركة الشباب لصناعة المستقبل العربي".
تصوير المستندات وأوراق العمل للضيوف وكل ورقة "عرفتها أم لم تعرفها"، كان مسؤولية المسؤول عن "طابعات التصوير الضوئي" الفتى الشاب (كما يحب زملاؤه في فريق العمل أن يطلقوا عليه) وليد حلبي، وهو في السابعة عشرة من العمر، يتسم بـ"الصامت الفاعل دوماً في طريقة أدائه عمله"، لا تكاد تسمع منه إلا صوت "سحب الورق من الطابعات"، إلا أنه لا يسمح لأحد بالاقتراب من "طابعاته"، فهو يرفع لافتة بشرية تحذيرية: "ممنوع الاقتراب.. خطر جداً".
يقول حلبي: عقب انتهاء المؤتمر "فعلاً شعرت بأنني قادر على رسم مستقبلي، وأنه سيكون لي دور فاعل، نحن ذخيرة المستقبل العربي، ويمكن الاعتماد علينا"، إلا أنه تمنى على السياسيين "ألا يدخلوا أقرانه في جدلياتهم المتباينة وأجنداتهم السياسية".
وإذا أردت أن تعرف من هو "أنطوني نصار" فما عليك إلا التوجه إلى ردهات مؤتمر "فكر9"، يعمل "بلا كلل في اللجنة التنظيمية"، يتمحور دوره في تذليل العقبات التي تعترض ضيوف المؤتمر، "بكل بشاشة وابتسامة" يقابلك بلغة بيروتية: "يا هلا.. كيف بدي اخدمك خيّ"، مفعماً بالأمل، مبتعداً عن صخب السياسة الدائر في لبنان ما بين قوى 14 آذار، و8 آذار، أو حتى عن استصدار القرار الظني في مسألة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، هكذا يبدو نصار الذي يقول: "المؤتمر ركز على الشباب، ونحن سيكون لنا دور مهم"، ليؤكد بلغة واثقة وحازمة، وهو يتحدث إلى "الوطن": "المستقبل هو نحن، وليس السياسة، والمؤتمر خير شاهد على ذلك".
هي نماذج شبابية واعدة، تؤكد أن مقولة "المستقبل للشباب" ليست ترفاً، أو من قبيل طرح الأمل الواهم للمحبطين من واقعنا العربي.