تحجب صالونات التجميل خلف جدرانها العديد من القصص والمشاهد التي تحمل بين طياتها تصرفات غريبة من بعض السيدات، بعضها يبدو مقبولا، والآخر يكون غريبا ناتجا من تأثير الشائعات والخوف من الحسد والسحر، ومن التصرفات الغريبة والطريفة معا مبادرة بعض السيدات إلى جمع قصاصات الشعر الخاصة بهن، والمطالبة باستلامها بعد القيام بعملية القص.
هذا ما أكدته رانيا خوجة (طالبة جامعية) مضيفة أنها عندما تزور صالون التجميل تطلب من إحدى العاملات عمل أحدث القصات في عالم الموضة، وتطلب من العاملة جمع القصاصات التي تخلصت منها أثناء عملية القص ووضعها في كيس، لأخذها معها، ثم القيام بدفنها بطريقة خاصة.
وأوضحت أنها اعتادت على هذا الأمر منذ الصغر، معللة ذلك بالخوف من السيدات العاملات داخل صالونات التجميل، فلديهن ثقافة تختلف عن ثقافة المجتمع السعودي، وخاصة مع انتشار أمور الشعوذة فيما بينهن، لذلك تحرص على أن تكون في بر الأمان والابتعاد عن الشبهات .
من جهتها قالت كريمة بوقر (صاحبة صالون الإبداع) "انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة غريبة بين السيدات السعوديات، وهي طلب جمع الشعر الناتج عن عملية القص، وهذه الظاهرة لم تقتصر على صالون معين، فلديها معلومات أن كثيرا من صاحبات الصالونات يشتكين من وجود هذه الظاهرة داخل الصالونات، مشيرة إلى أن طلب السيدة جمع قصاصات شعرها يحدث نوعا من عدم الثقة في العاملات داخل الصالونات، مما يتسبب في إحداث العديد من المشكلات.
وتقول أمل الغامدي "تضم صالونات التجميل العديد من العاملات اللاتي يمارسن الشعوذة، مما يدفعها أثناء عملية قص شعرها إلى جمع الشعر المتساقط حتى لا تتسبب إحدى العاملات في إحداث ضرر ما لها.
وتضيف "في زيارة سابقة لأحد صالونات التجميل النسائية اكتشفت أثناء حديثي مع الكوافيرة أنها تتقن عملية الشعوذة، وذلك حينما أخبرتها بأنني أعاني من مشاكل مع زوجي، فأخذت تقنعني بأن لديها طريقة لتجعل زوجي لا يفكر ولا يعارض طلباتي، ومنذ تلك الحادثة وأنا أشعر بقلق من صالونات التجميل، وأخبرت كافة صديقاتي لأخذ الحذر أثناء زيارة هذه الصالونات".
من جهته كشف الاستشاري في علم النفس وعضو هيئة التدريس في جامعة الإمام الدكتور فهد العصيمي أن "انتشار ظاهرة جمع قصاصات الشعر من قبل بعض السيدات داخل صالونات التجميل بعد الانتهاء من عملية القص يكون من باب القلق الذي ينتاب السيدة من استغلال بعض العاملات داخل هذه الصالونات الشعر في أمور مخالفة للشريعة" مؤكدا أن على كافة السيدات أخذ الحيطة والحذر وعدم التهاون في ذلك. وأضاف أن المرأة إذا كانت مضطرة إلى قص شعرها داخل هذه الصالونات، فلا بد عليها من أخذ هذه الأجزاء والتخلص منها بطريقتها، حتى لا يساورها القلق، وتصاب السيدة بالاكتئاب، وتعتقد أن إصابتها بأي عارض ما قد يكون سببه قصات الشعر التي تركتها في أحد الصالونات.
وأشار العصيمي إلى أن السبب الرئيسي وراء هذا الاعتقادات الأحاديث التي تحمل في طياتها شائعات لايكون لها أساس من الصحة، وتدور داخل المجالس النسائية عن السحر والشعوذة .
وقال "لا ننكر أن صالونات التجميل تضم العديد من العاملات اللاتي يختلفن في ثقافتهن عن ثقافة مجتمعنا، وقد يجندن من قبل أطراف لها هدف في إحداث ضرر بإحدى السيدات، فيعمدن لجمع هذه القصاصات، والقيام بأعمال شيطانية قد تضر السيدة مقابل الكسب المادي".
من جهته قال الاستشاري النفسي الدكتور علي زائري إن ثقافة المجتمع تعود الناس على إرجاع الإصابة بالأمراض إلى الغيبيات كالسحر والحسد وخلافه، مؤكدا أن هناك العديد من السيدات يرجعن حتى المشاكل الأسرية والنفسية والمشاكل الاجتماعية التي تحدث في كافة المجتمعات، إلى الحسد، وأن هذا من التفسيرات الخاطئة.
وكشف الدكتور الزائري أن "المواقع الإلكترونية التي تكون لمعالجين روحانيين كما يزعمون سبب في إدخال هذه الاعتقادات الخاطئة لدى العديد من السيدات، وخداع السيدة بأمور لا أساس لها من الصحة، فنجد أغلب الفئات العمرية انخداعا بهذه النصائح الخاطئة تتراوح أعمارهن من 15 ـ 50 عاما ، مشيرا إلى أن المواقع" الروحانية " قد تكون السبب في حدوث مشاكل أسرية ونفسية وتكون دافعا للتفكك الأسري.
وأكد الاستشاري النفسي أن هناك العديد من الشباب السعودي يلجؤون لهذه المواقع، لذلك تنتشر ظاهرة الخوف من الحسد بين الشباب، ولم يقتصر الخوف من ترك بقايا الشعر في الصالونات على السيدات، فبعض الرجال يحرصون أيضا على جمع بقايا شعورهم من الصالونات الرجالية. وأشار إلى أهمية إيجاد قنوات للتنمية البشرية ويكون لها دور فعال في تنوير عقول الشباب والشابات، تركز على التوعية، حتى لا يندفعوا خلف الشائعات المضللة التي قد يكون تأثيرها النفسي خطيرا.