كثرت في الفترة الأخيرة المواقع المخصصة للراغبين في الزواج؛ حيث توجد مئات المواقع التي تروج خدماتها للباحثين والباحثات عن النصف الآخر؛ سواء كان زواجا عاديا أو مسيارا أو غير ذلك، وبالرغم من كثرة هذه المواقع، وحجم التردد الكبير عليها من قبل متصفحي الشبكة العنكبوتية من الجنسين، إلا أن الباحثين فعلا عن شريك الحياة نادرا ما يلجؤون لمثل هذه المواقع ؛ ومعظم المتصفحين لها والمشتركين فيها هم من الباحثين عن التسلية أو التعارف.
ويرفض العديد من الشباب الزواج الإلكتروني، فكلا الطرفين لا يثقان في نتائجه؛ كما يرفضون أيضا الاستعانة بالخاطبات التقليديات في البحث عن شريكة الحياة، لعلمهم أنها عملية مادية بحتة، وفي الوقت نفسه يفضلون الارتباط التقليدي.
استهداف الخاطبات
يقول عبدالرحمن العتيبي إن معظم مواقع الإنترنت مرتع للعابثين والباحثين عن التسلية، وقد ابتكر البعض منها خطوات جديدة في محاولة إقناع زوارها بنتائج التواصل معها, فاستهدفت الخاطبات، لإيجاد قاعدة بيانات عن الباحثين عن الزواج والباحثات من واقع سجلات الخاطبات الفعلية.
وأضاف أن أحد هذه المواقع سطر عبارة ترحيبية لزائرين يقول فيها "يسرنا في الموقع أن نقدم لكم دليل الخاطبات على مستوى الخليج والعالم العربي، ونتمنى من جميع الخاطبات التعاون لإنجاح هذا الدليل لتعود فائدته بالنفع على الجميع".
وكشف الموقع عن آلية تسجيل الخاطبات، عن طريق إرسال رسالة نصية على الجوال للشيخ مسؤول الدليل.
وبين أن دور الخاطبة في المجتمع أصبح محصورا جدا، في ظل عدم ثقة الكثيرين في خدمات الخاطبات اللائي يبحثن عن المادة قبل كل شيء، بخلاف خاطبات الماضي اللائي كان اهتمامهن ينصب أولا وأخيرا على خدمة من يلجأ لهن من الباحثين أو الباحثات عن الزواج، بخلاف العائد المادي؛ مؤكدين في الوقت ذاته أن المواقع الإلكترونية التي تروج لخدمات الباحثين والباحثات عن شريك الحياة مواقع عبث وتسلية، ولا يمكن الوثوق في نتائجها.
عدم ثقة
ويشير خالد الحارثي إلى أنه من المترددين على مواقع الزواج الإلكترونية، وقد قام بتسجيل بياناته وعضويته في عدد منها، لكنه أكد أنه لا يقصد البحث عن شريكة الحياة، وإنما بقصد التسلية، خاصة أن عددا من زملائه أكدوا له أن هذه المواقع تعتبر فرصة للتعرف على الفتيات.
وذكر نايف أحمد أنه لا يثق في نتائج البحث عن شريكة الحياة إلكترونيا، ولا يمكن أن يقبل بفتاة أودعت بياناتها عبر أحد المواقع بحثا عن شريك حياتها، حتى الخاطبات لا يمكن أن يلجأ لهن بحثا عن زوجة، لعلمه أن الخاطبة ذات هدف مادي، ويهمها بالدرجة الأولى التوفيق بين الطرفين، حتى وإن علمت عيوب أحدهما، فالمال لن تحصل عليه إلا بالتوفيق بينهما.
مواصفات غير حقيقية
وأشارت نهى سالم إلى أن صديقتها خاضت تجربة الزواج عن طريق الإنترنت، وذلك بتسجيل بياناتها ومواصفات فتى أحلامها الذي تريده، ونجحت، وتقدم لها أحدهم عن طريق الإنترنت بناء على ما وضعته من مواصفات لعريسها، إلا أنها وبعد ثلاثة أشهر تقريبا انفصلت عن ذلك العريس، بعد أن اكتشفت أنه كان يكذب وأن كل المواصفات التي وضعها على الإنترنت غير حقيقية.
وترى أم محمد (ربة منزل) أن الزواج التقليدي الذي تعود عليه المجتمع عن طريق الأهل هو الأفضل، وإن لم يحدث اتفاق فيما بعد، فالرؤية فيه تكون واضحة وبعيدة عن الزيف والخداع، مضيفة أنها لا تؤيد مطلقا زواج الإنترنت، ولا زواج الخاطبات، مشيرة إلى أنها لا تقبل لبناتها أي رجل يكتب عن مواصفاته، ولا عن مواصفات شريكة حياته على الإنترنت.
وترى أن متابعي هذه المواقع سواء أكانوا فتيات أم شبابا مخادعون وغشاشون، ولا يمكن الوثوق بما يكتبونه على الإنترنت، ولا يمكن الوثوق أيضا بما ترويه الخاطبات، فبعض الخاطبات يسعين إلى الربح المادي أولا وقبل كل شيء.
نعم للزواج الإلكتروني
وعبرت سلمى (معلمة) عن تأييدها للزواج الإلكتروني طالما أن هناك صراحة بين الطرفين، إضافة إلى أن الموضوع بعد ذلك سوف يتخذ صفة الرسمية عن طريق الأهل والأسرة، وسوف تقوم أسرة الفتاة بالسؤال عن الرجل الذي تقدم لابنتهم سواء عن طريق الإنترنت أو غيره. وترى أن الأسرة يقوم عليها عبء السؤال عن الرجل أيا كان جنسه أو عمره أو نحو ذلك.
ثقافة المجتمع
من جهتها ذكرت الأستاذ المساعد بقسم علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز والمشرفة على الفرع النسوي بهيئة حقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة الدكتورة فتحية حسين القرشي أن "الزواج ميثاق غليظ، وقد اختلفت الآليات الخاصة به باختلاف ثقافة المجتمع، وباتت بعض الأسر التي لديها قابلية للانفتاح والتعاطي مع المستجدات تقبل ببعض البدائل الجديدة كالزواج الإلكتروني، وبات البعض من الشباب والفتيات يبحثون عن شريك الحياة في ظل ضغوط المجتمع التي تصف الشاب غير المتزوج والفتاة بصفات لا يحبذونها كالعزوبي" و"العانس"، لذلك بُدئ في البحث عن وسائل متجددة تحقق الغرض وهو الزواج.
وأضافت أن من الطبيعي أن يتفاعل المجتمع مع هذه البدائل، لكنها إذا لم تثبت جدواها فستتلاشى كغيرها.
وأكدت على أهمية الحذر من العابثين، وقالت "لا بد أن يكون هناك غطاء رسمي لمثل هذه المواقع كأن تكون تحت مظلة بعض الجهات الحكومية لضمان نتائجها وعدم استغلالها من قبل العابثين.