يصل إلى واشنطن مساء اليوم المسؤول عن ملف المفاوضات في السلطة الوطنية الفلسطينية صائب عريقات للمشاركة في مباحثات مكثفة تنوي إدارة الرئيس باراك أوباما أن تبدأها الأسبوع المقبل مع الإسرائيليين والفلسطينيين كل على حدة في منحى جديد لمقاربة عملية السلام المتوقفة في الشرق الأوسط.
وتعرض وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الخطة الأميركية الجديدة غدا في خطاب أمام معهد "بروكينجز" في واشنطن الذي سيعقد مؤتمرا يشارك فيه مسؤولون فلسطينيون كبار من بينهم رئيس الوزراء سلام فياض بالإضافة إلى عريقات، في حين يشارك مسؤولون إسرائيليون كبار بينهم وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك وزعيمة المعارضة تسيبي ليفني وإسحق مولخو المستشار السياسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومسؤولون دوليون بينهم مبعوث اللجنة الرباعية الدولية توني بلير.
وكانت واشنطن قد أعلنت أول من أمس عن سحب تعهداتها التي وعدت بها إسرائيل مقابل تجميد الاستيطان لمدة 90 يوما ما عدا في القدس الشرقية. ويقر الدبلوماسيون الأميركيون أن ذلك المدخل كان خاطئا في التعامل مع الملف المعقد لعملية السلام في الشرق الأوسط. وجاء قرار سحب التعهدات التي تضمنت تقديم طائرات عسكرية وعدد من الضمانات السياسية الأخرى بعد أن رفض الرئيس باراك أوباما التوقيع على خطاب رسمي يتضمن ما ستقدمه واشنطن وبعد أن رفض نتنياهو إعلان تجميد الاستيطان طالما لم تصله رسالة موقعة من الرئيس بتلك التعهدات.
بيد أن دبلوماسيين أميركيين يقولون إن السبب الحقيقي لفشل مقاربة "الضمانات مقابل التجميد" لم يكن راجعا إلى تجنب واشنطن تقديم التعهدات المكتوبة، وإنما كان رفض السلطة الفلسطينية لأي تجميد جزئي للاستيطان والاستشارات القانونية التي قدمت للإدارة بأن أي موافقة ضمنية على مواصلة الاستيطان في القدس الشرقية تعد أمرا مخالفا لبنود القانون الدولي الذي يعتبر شرق المدينة أراضي محتلة.
فضلا عن ذلك فإن تقارير أميركية أشارت إلى أن الفريق الأميركي المفاوض بقيادة السيناتور جورج ميتشيل عارض منذ البداية تقديم الضمانات التي وقف خلفها مسؤول ملف المنطقة في مجلس الأمن القومي دينيس روس.
وبدلا من تلك المقاربة فإن واشنطن ستسعى خلال المرحلة المقبلة إلى إجراء مفاوضات منفصلة مع الجانبين حول القضايا الجوهرية، أي الحدود والأمن واللاجئين والموارد الطبيعية. وتردد في واشنطن أن إدارة الرئيس أوباما ستسعى خلال تلك المفاوضات، التي ستشرك واشنطن فيها، دولا عربية، إلى بلورة خطوط للحل تتبناها في نهاية تبادل الآراء. ويدفع فريق في وزارة الخارجية باتجاه إيضاح أن ما ستسفر عنه تلك المفاوضات سيشكل عماد خطة أميركية ستعلن في نهاية المطاف باعتبارها الحل كما تراه الولايات المتحدة إذا ما رفضت إسرائيل تطبيقه.
وكان الرئيس الفلسطيني خلال وجوده في اليونان، تلقى رسالة من الجانب الأميركي تضمنت فشل المساعي الأميركية.
وكشف مسؤول فلسطيني أن الرسالة الأميركية تضمنت الدعوة لإرسال مبعوث فلسطيني منفرد إلى واشنطن للتباحث حول عملية السلام خلال الأيام المقبلة. وأوضح مسؤول فلسطيني أن الموقف الراهن "يستدعي من قبل القيادة الفلسطينية إجراء دراسة حول خيارات المرحلة المقبلة وبحث هذا الأمر من جوانبه المختلفة مع الأشقاء العرب قبل إجراء أي مشاورات ثنائية مع واشنطن". وشدد على التمسك بشرط وقف الاستيطان بشكل كامل كضرورة لاستئناف المفاوضات وأن هذا الموقف الفلسطيني "لن يتغير".