المتتبع لمستويات الإنجاز في مجالات الأعمال المختلفة سواء في القطاع العام، أو الخاص يجد أنها منخفضة بدرجة كبيرة جدا، ولا يمكن مقارنتها بمستويات الإنتاجية في كثير من الدول المتقدمة، هذا هو مستوى الإنجاز، أو الإنتاجية في الأيام العادية، فكيف سيكون عليه الحال في شهر رمضان المبارك؟ أعتقد وبشكل قد يصل إلى حد الجزم أن هذا المستوى قد ينخفض بدرجة ملحوظة في شهر رمضان، ولا أعرف ماذا يكون عليه الحال في هذا الشهر الكريم؟ ومن المتوقع أن تكون الإنتاجية والإنجاز فيه أعلى من أي وقت آخر، ففي هذا الشهر المبارك تم تحقيق العديد من الإنجازات والانتصارات في مختلف العصور، أما في هذه الأيام فينظر الكثير من الأفراد لهذا الشهر بأنه شهر صوم ونوم فقط، وأن العمل في يوم رمضان قد يكون فيه نوع من الصعوبة، لذا نجد أن كثيرا من الموظفين أو العاملين في مختلف القطاعات يتمتعون بإجازات في هذا الشهر، وهذا بدوره يؤثر على مستوى الإنجاز والإنتاجية في العمل، وقد تم تخفيض ساعات العمل في أيام رمضان بهدف التخفيف على الموظف، أو العامل، ومع ذلك نجد أن الإنتاجية منخفضة، ولم تصل إلى الحد الأدنى أو المقبول عالميا، وفي حالة الذهاب إلى العمل نجد أن الفرد يشعر بأن فترة العمل في رمضان ثقيلة، ولا ينجز أي عمل، بل يقضي ساعات العمل بدون إنهاء لكثير من الأعمال التي تخصه، معللا ذلك بأن العمل في رمضان يجب أن يكون خفيفا، وهذا إحساس أو شعور من لا يتحمل المسؤولية، أو الكسول، فمتطلبات العمل في رمضان أو غير رمضان واحدة، ولا تختلف باختلاف الوقت، ونحن مسؤولون عن ذلك، ويفترض أن نجتهد في رمضان بشكل أكبر، لأنه شهر خير وبركة.
وفي السنوات القليلة الماضية تزامنت إجازة الصيف للطلاب والطالبات مع شهر رمضان، وتعود الأبناء على السهر في الليل، والنوم في النهار، حتى إن بعضهم قد لا يقوم لأداء صلاتي الظهر والعصر في المسجد مع الجماعة، وسهر الأبناء في هذه الليالي أثر على نوم الأفراد العاملين من هذه الأسر حيث يسهرون معهم، فنجد أن بعضهم يذهب للعمل وهو لم ينم إلا ساعتين، أو ثلاثا فقط، أو قد يكون مواصلا للسهر، وبذلك فالإنتاجية ستتأثر لا محالة، وهنا أرى أن يأخذ الأفراد العاملين في رمضان قدرا كافيا من النوم ليلا، لأن نوم الليل لا يمكن تعويضه بنوم النهار، وهذا يتطلب أن تعمل الأسر على تعويد أفرادها على النوم في رمضان من خلال تحديد ساعات لا بد من النوم بعدها ليلا، ويكون ذلك نهجا متبعا على مستوى المجتمع بشكل عام، كذلك عمد كثير من الناس إلى قضاء أشغالهم والتسوق في ليالي رمضان إلى أوقات متأخرة، لأن أغلب المؤسسات والمحلات التجارية تفتح أبوابها إلى أوقات متأخرة من الليل، وهذا شجع الأفراد على السهر غير المبرر في رمضان، وهنا أرى أن الجهات المسؤولة عن هذا الجانب مطالبة بتحديد ساعات للعمل لهذه المحلات في ليالي رمضان، مثل ما هي محددة في الأيام الأخرى غير رمضان.
وهنا أرى أنه من الضروري أن نعود الجيل الجديد بأن شهر رمضان شهر عمل، وصيام، وقيام، لا شهر نوم وكسل، وأن كثيرا من الانتصارات والإنجازات تمت في هذا الشهر، وأن رمضان في مجال العمل لا يختلف عن بقية شهور السنة، وإذا لم نعمل على إيجاد هذا الشعور والقناعات عند الجيل الصاعد؛ فإنه ستتكون لديهم قناعات واعتقادات بأن هذا الشهر شهر صوم ونوم فقط، وبذلك يكون من الصعب تغيير هذه القناعات، وسيتأثر مستوى الإنتاجية في العمل بشكل كبير في هذا الشهر المبارك في السنوات القادمة، كما أعتقد أن هناك حاجة للترشيد في الإجازات، بل تقليصها في هذا الشهر الذي يعتقد كثير من الموظفين أنه شهر راحة من العمل، فكثير من الأفراد خاصة القياديين في مختلف القطاعات يتمتعون بجزء من إجازاتهم في شهر رمضان، وبذلك تكون هذه القطاعات أو الوحدات أو الإدارات أو المراكز خالية من صانعي القرار، وبذلك يتأثر مستوى الإنجاز والإنتاجية في العمل، وأنا على يقين أن العمل في هذا الشهر أكثر متعة وبركة لمن أخلص في عمله.
كما أن إدارات ووحدات المتابعة في مختلف القطاعات مطالبة بتكثيف دورها، وتنفيذ خططها في شهر رمضان بشكل أكبر، فمن يتأخر عن العمل، أو يؤخر إنجاز عمله تتم محاسبته حسب الأنظمة واللوائح المنظمة لذلك، لأن عملية المجاملات في مثل هذه الحالات وعدم تطبيق الأنظمة بحجة أن رمضان كريم، وليس هناك ضرورة للتضييق على العاملين أو الموظفين في هذا الشهر الكريم، قد يعوّد بعضهم على التكاسل، وعدم الإنتاجية في رمضان، وغير رمضان، تقبل الله منا ومنكم الصيام، والقيام.