قبل انطلاق "خليجي 20" التي تختتم غدا في عدن، ذهب كثيرون، ومنهم اليمنيون أنفسهم، إلى القول إن عدن ستنجح في تنظيم الدورة أمنيا كما نجحت مدينة كيب تاون في استضافة عدد من مباريات كأس العالم الأخيرة في يونيو ويوليو 2010، منها مباراتان في ربع ونصف النهائي.
والمقارنة بين "كيب تاون" و"عدن" أمنيا تبدو ظالمة للأخيرة لأنها لا تشهد جرائم منظمة للسطو المسلح والسرقات، فيما تعد كيب تاون وبامتياز "عاصمة للجريمة".
واستحقت عدن خلال الدورة أن تكون "عاصمة الأمان"، على الرغم من أن اليمنيين انساقوا وعلى مستوى رسمي للقول إنهم سينجحون كما نجحت جنوب أفريقيا، وكما نجحت كيب تاون، بالذات ونسوا أن "عدن غير".
ومن الناحية الأمنية قال نائب وزير الداخلية اليمني، رئيس اللجنة الأمنية اللواء ركن صالح الزوعري في هذا السياق: "تعرضت جنوب أفريقيا المستضيفة لنهائيات كأس العالم الماضية لحملة صورتها كدولة فاشلة، لن تستطيع إنجاح بطولة بحجم كأس العالم، واتهمت أجهزة الأمن بالتقصير والضعف.. لكن ماذا حدث؟".
والزوعري كان يريد أن يبث من خلال هذه الرسالة تطمينات، لكنه يدرك أن عدن لم تكن يوما كيب تاون على مستوى الجريمة.
ولأن الخوف الأمني وخاصة على الشخصيات الرسمية التي زارت عدن بمناسبة الدورة ولى بلا رجعة، فقد أسر أحد المسؤولين في وفد خليجي لـ"الوطن" أنه أصبح يتهرب من الحراسات الأمنية ويرفضها ويخرج من فندق الإقامة منفردا أو مع أصدقائه.
وربما تتشابه "عدن" من ناحية أخرى مع كيب تاون، حيث تسير على خطاها "سياحيا"، ولعل الرقم الذي أعلنه وزير السياحة اليمني نبيل الفقيه حول عائدات بلاده من كأس الخليج وحدها والتي قدرها بـ600 مليون دولار يؤكد على ذلك، مع أنه أشار إلى أن وزارته والمنشآت السياحية فيها أكثر المستفيدين من الاستضافة.
ويراهن أهل عدن على شاطئ حقات، كورنيش صيرة، جولد مور، جزيرة العمال، البريقة، لخميسة، البربرية، صهاريج عدن, منارة العيدروس, قلعة صيرة, قلعة الغدي, منارة عدن، رأس عياس، الشواطئ فقم، رأس عمران، جزيرة سقطرى، جزيرة عزعزي بنفس درجات فخر أهل الكيب من الملايويُّو والملونين والبيض بشواطئ كامبس باي وخليج هاوت.
"الوطن" كانت قد التقطت خلال الأيام الماضية، ومنذ قدوم بعثتها إلى عدن قبل انطلاق الدورة بثلاثة أيام أحاديث هاتفية يجريها زملاء بذويهم، "أحاديث صادقة" بعيدا عن المجاملة التي تصاحب أحيانا اللقاءات التلفزيونية والإذاعية والصحفية، كانت كلها توصل رسائل انبهار بعدن المدينة وإنسان عدن والنظام الذي يحبه أهل عدن.
صحفي سعودي، قال: "فوجئت عندما دخلت مكانا مزدحما أن كل من دخله سأل "من التالي"، وتعجبت من السؤال المطروح وقد قيل لي إنه لا حاجة هنا لتقف طابور بحكم ضيق المساحة وعليك فقط أن تسأل عن آخر من في "السرا" وتدخل بعده".
موقف آخر، سيارة جيب سعودية تحمل عددا من الإعلاميين دارت حول جولة "دوار" كالتكس في المنصورة أكثر من 10 مرات وسط استغراب رجال المرور والسيارات التي تقف لتسمح لهم بمواصلة السير بحكم دخولهم أولا للدوار وبعد اللفة العاشرة استوقفهم المرور، وكانت "الوطن" حاضرة وسألهم عن هذا التصرف فأخبروه أنهم يريدون التأكد من حقيقة التزام أهل عدن بالنظام وخاصة في الدوارات التي تشتهر بها فلا يوجد فيها بصورة نهائية إشارات ضوئية.
ولم تكن مزحة الشيخ خالد الفهد الصباح لمسؤول يمني إلا لتذهب في اتجاه رفض الخليجيين مغادرة عدن لتولعهم بها فقال: "فزنا على العراق وتأهلنا للنهائي لأننا حبينا عدن ولم نرد مغادرتها"، هذا الموقف هو ما ذهبت له مذيعة بالتلفزيون البحريني عندما عادت من مطار عدن بعد أن كانت مغادرة مع البعثة البحرينية وفضلت البقاء في عدن ومواصلة العمل والاستمتاع بأجوائها.