حمل أخصائيون في التربية وخبراء أمنيون الأسرة والمدرسة مسؤولية جهل الأطفال بوسائل الحماية الذاتية وجهلهم بأرقام الطوارئ المختلفة التي يمكن أن توفر لهم الحماية في الوقت المناسب. فعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات المعنية للتوعية بذلك الأمر ونشر أرقام هواتف الطوارئ كالنجدة والهلال الأحمر والدفاع المدني وأخيرا الرقم الخاص بحماية الطفل من العنف الأسري إلا أن الواقع يشير إلى جهل الكثير من أطفالنا بأرقام تلك الهواتف أو كيفية طلب النجدة وحماية أنفسهم في حالة الخطر.

وفي جولة لـ"الوطن" بإحدى المدارس الابتدائية بالمدينة المنورة تبين أن 9 طلاب فقط من بين 99 طالبا بالصف الأول يعرفون رقم الشرطة و8 يعرفون الهلال الأحمر و4 فقط يعرفون هاتف الدفاع المدني ومن بين فصل يدرس به 34 طالبا تعرف اثنان فقط على رقم الشرطة وواحد على الهلال الأحمر ومثله على الدفاع المدني. وقد لوحظت زيادة أعداد الطلاب الذين تمكنوا من معرفة تلك الهواتف مع ارتفاع المرحلة العمرية إلى 12 عاما، ولكن بمعدل أقل بكثير من المأمول، حيث تعرف 29 طالبا فقط على رقم الدفاع المدني من بين 96 طالبا، غير أن الجميع فشل في التعرف على الرقم 1919 الخاص بحماية الطفل من العنف الأسري.

ويقول الطفل معتز الذي يدرس بالصف الثاني: إنه لا يعرف رقم الشرطة والدفاع المدني ولم يدرس تلك الأرقام بالمدرسة، مضيفا: أنه يتعرف على رجال الشرطة من ملبسهم والأضواء والأصوات التي تطلقها سياراتهم في الشوارع.

وقال يزن الجهني "12 عاما": إنه لا يعرف أرقام تلك الجهات. وقالت الطفلة روان التي تدرس بالصف الثالث: إنها تعلمت أرقام هواتف الطوارئ بالروضة لكنها اليوم نسيتها مع مرور الأيام.

وقال الخبير الأمني الدكتور العقيد نايف المرواني: إن غياب ثقافة تعليم الطفل السعودي كيف يتصرف وينجو عند تعرضه لمشكلة عابرة أمر مؤسف، فكيف لا يعرف الطفل كيف يتصرف في حال نشوب حريق بمنزله أو عند مشاهدة نار تشتعل بمنزل جاره أو لص يريد السرقة.

وأشار إلى أن مسؤولية الوالدين تأتي في المقام الأول، ثم التعليم ودور الجمعيات الخاصة لتعليم جيل يعرف كيف يتصرف، مقارنة بما نسمعه عن الدور الذي تؤديه تلك الجمعيات مع الأطفال في بعض دول العالم. معتبرا أن غياب ذلك النوع من الثقافة يعد جزءا من العنف الأسري ضد الأطفال.

وأضاف أن تأخر بزوغ الجمعيات التطوعية ذات الصلة بالعنف لدى الأطفال له دور كبير في إنشاء صداقات بين الأطفال ورجال الشرطة والدفاع المدني، وهو أمر مناط أيضا بالمدارس. وأنه لو استغل معلم المرحلة الابتدائية جزءا بسيطا من الحصة وشرح فيه للطلاب كيف يتصرفون في حال وقوع خطر وأخبرهم بالأرقام التي يجب أن يتصلوا بها في مثل تلك الحالات لزاد وعي الأطفال بشكل كبير.

وطالب المرواني جميع الجهات المختصة والتطوعية بالعمل سريعا لإيجاد جيل من النشء يعرف كيف يتصرف في حال تعرضه للعنف وكيف يمسك بالهاتف ويطلب المساعدة.

وقالت وكيلة الروضة الثالثة للبنات بالمدينة المنورة وجنات حسين الشريف: إن المشكلة تكمن في عدم متابعة ما تقوم به الحملات التوعوية من قبل الأسرة والمدارس. مشيرة إلى أن جميع مدارس الروضة تطبق مناهج "وحدة صحتي وسلامتي" التي تشير إلى كيفية السلامة في المنزل والطريق وجميع أماكن تواجد الطفل والربط بينهم وبين رجال الشرطة، والدفاع المدني والهلال الأحمر وأرقام تلك الجهات بصورة محببة وجاذبة للطفل.

وقال مدير مدرسة النجاح الابتدائية حميد نفاع الجابري: إن توعية الطفل في المنزل والمدرسة عملية تكاملية، وأي اختلال في أحدهما يقلل من الوصول للهدف المنشود. وأشار إلى أن المدرسة تستقبل وفود الشرطة والدفاع المدني والهلال الأحمر لتعريف الطلاب بجهودهم وزرع الثقة بينهم لتحقيق الهدف.

واتفق كل من الناطقين الإعلاميين للشرطة والدفاع المدني والهلال الأحمر على القول: إن جهودهم مستمرة لنشر ثقافة الوعي لدى طلاب المدارس بالأعمال التي يقومون بها لخدمة المجتمع، كما أكدوا اهتمام العمليات التابعة لتلك الجهات الثلاث بكل بلاغ يرد لديهم سواء من طفل أو بالغ لما لتلك البلاغات من أهمية قصوى في إنقاذ حياة الآخرين.

ويرى مدير عام العلاقات العامة والإعلام الاجتماعي، الناطق الإعلامي باسم الشؤون الاجتماعية محمد إبراهيم العوض أن الأسرة والمدرسة مشتركتان في ذلك القصور، ويجب أن يتعاونا لصالح الطالب بدلا من تحميل المسؤولية على أطراف أخرى ويدفع الطفل ثمن ذلك.

واقترح عوض أن تسلط الإذاعة المدرسية الضوء لمدة شهر كامل على تلك الأرقام كي يتمكن الأطفال من حفظها.

وتقول مديرة الابتدائية 100 للبنات مريم محمد الجهني: إنها استخدمت وضع ملصقات تحتوي على أرقام الطوارئ على مواقع متفرقة بالمدرسة، وقد نجحت تلك الوسيلة في تحفيظ الطالبات تلك الأرقام الهامة. وبينت أن نسبة الحفظ والتعرف في الصف الأول الابتدائي تكون قليلة وترتفع مع انتقال الطالبة للصفوف الأعلى. مشيرة إلى أن الأنظمة تمنع نقل الطالبات بالصفوف الدنيا في جولات على مراكز الشرطة والدفاع المدني وغيرهما للتعرف على عملهما، ونكتفي بما يصل للمدرسة عن تلك الجهات في المناسبات الرسمية.