يبدأ السعوديون رحلة المعاناة مع شتاء قارس أطل بوجهه الصريح اليوم، مع دخول "المربعانية". وبحسب عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، خالد الزعاق، فإن موسم المربعانية هذا العام الذي يبدأ اليوم سيتواصل طوال 40 يوما حتى السادس من صفر المقبل. ويقول: تجتمع في هذا الموسم كافة الخصائص المناخية، الحر والبرد والاعتدال والرطوبة والجفاف والأمطار. ويضيف: في أول أيام المربعانية، إذا خلت السماء من السحب وتوقفت حركة الرياح، يصبح الجو حارا وجافا، وفي آخرها إذا تحركت الرياح وتشكلت السحب أصبح الجو باردا رطبا.

من جهتها، احتاطت وزارة التربية والتعليم بمنح المجالس التعليمية ومديري التربية صلاحية إلغاء الطابور الصباحي إذا دعت الحاجة للمحافظة على صحة الطلاب، وقال متحدثها الرسمي محمد الدخيني لـ"الوطن" أمس إنه يتعين على إدارات التربية والتعليم للجنسين في المناطق متابعة أحوال الطقس أولا بأول، واستخدام الصلاحيات الواسعة لحماية الطلاب، والتي تشمل تقرير موعد بدء الدوام المدرسي.

وفي إجراء مواز، أقر مشروع مساعدة الطلاب والطالبات ذوي الحاجة "روافد" تضمين المساعدات العينية المقدمة للطلاب المحتاجين في مناطق البرد، بطانيات ودفايـات للطلاب وأسرهم لمواجهة زمهرير الشتاء خاصة في المناطق الشمالية.

إجراءات "التربية" جاءت تزامنا مع إعلان الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة عن دخول فصل الشتاء في 14 محرم المقبل، وتعرض بعض المناطق لتيارات باردة تهبط بدرجات الحرارة تحت الصفر.

وأكد المتحدث الرسمي لرئاسة الأرصاد حسين القحطاني في اتصال مع "الوطن" أمس أن مناطق: الحدود الشمالية، الجوف، وحائل، وتبوك، والشرقية، والرياض، ستسجل من 3 إلى 5 درجات تحت الصفر، ابتداء من منتصف محرم، فيما تشهد هذه المناطق تيارات هوائية باردة قادمة من سيبيريا قد تهبط بدرجات الحرارة إلى أقل من ذلك.

وللبرد فوائد في العاصمة، إذ انتعشت أسواق حليب النوق "الخلفات" مع برودة الطقس، ويجني ممارسو النشاط، وفقا لجولة "الوطن" أمس في حي الجنادرية بالرياض، نحو 400 ريال يوميا، وهو مبلغ يرتفع نهاية الأسبوع حين يتوقف متنزهو المناطق البرية في طريق عودتهم أمام بائعي حليب النوق الذين ينتشرون في مجموعات على قارعة الطريق.




يمتهن عدد من مربي الإبل بيع حليب النوق "الخلفات" في مواقع متعددة بالعاصمة الرياض, إذ تعتبر مهنة موسمية تسهم في زيادة الدخل وتحسين الأوضاع المعيشية، إلا أن مخالفات وتجاوزات عديدة تحدث في المهنة, وخاصة في حي الجنادرية شرق الرياض, حيث يمارس عدد من العمالة الوافدة بيع الحليب على قارعة الطريق, ووسط كومة من المخلفات, مستخدمين آواني تفتقر لأدنى درجة النظافة, ومع ذلك يقبل عليهم بشكل يومي زبائن باحثون عن "الحليب الطازج" غير آبهين بالأضرار الصحية والأمراض التي قد يتعرضون لها.

"الوطن" رصدت النشاط الذي تمارسه العمالة الوافدة في بيع الحليب, حيث تتواجد العشرات من الإبل في مجموعات على قارعة الطريق بحي الجنادرية شرق الرياض, وبحسب أحد الباعة فإن غالبية ممارسي النشاط يحصلون على 400 ريال في اليوم وأكثر في معظم الأيام, خاصة أيام نهاية الأسبوع حين يرتادهم المتنزهون الذين تقع أعينهم على الإبل والحليب في طريق عودتهم من المتنزهات البريّة, ليضافوا للزبائن الدائمين الذين يرتادونهم غالبية أيام الأسبوع.

مرابطة النياق

خلال الجولة, بدا الكثير من الباعة مرتبكين حين كشفنا عن هويتنا الصحفيّة, والتقاطنا لبعض الصور, وفضل بعضهم عدم الرد على استفساراتنا, وحاولوا التواري عن عدسة "الكاميرا", فيما اكتفى آخرون بالقول: "إنهم يعملون لدى كفلائهم", ويسلمونهم المبالغ التي يبيعون بها نهاية كل يوم, في الوقت الذي بدت النوق "الخلفات" مرابطة في مجموعات تنتظر زبائنها الذين لم يقتصروا على المواطنين من الجنسين فحسب, بل حتى المقيمون أكدوا حرصهم على شراء الحليب الطازج وشربه مباشرة في الموقع, أو جلبه في أكياس بلاستيكية لتبريده لاحقا.

انتعاش الشتاء

وقال البائع صالح زيانب: إن دخول موسم الشتاء أنعش النشاط بشكل كبير، حيث يقبل الزبائن على الشراء منه. مضيفا أنه يبيع عبوة الإناء الصغير "لتر واحد" بعشرة ريالات, والوسط بـ20 ريالا، والكبير بين 25 و30 ريالا.

وبسؤاله عن الاتهامات التي تطال الباعة بحقن النوق بإبر ومواد كيماوية لإدرار الحليب نفى ذلك قائلا: إنه بإمكان الجهات المختصة التأكد من نشاطه عبر المراقبة وفحص العينات. لافتا إلى أن الغذاء الذي تتغذاه إبلهم هو عشب من نوع "البرسيم" المجفّف وتشرب ماء عذبا ليكون مذاق الحليب مميزا وشبيها بحليب النوق المطلوقة في البراري.

الثقة في الباعة

ولفت المواطن فايز الأكلبي إلى أنه اعتاد شرب الحليب ويمتلك عددا من الإبل، لكنها حاليا خارج العاصمة فيضطر إلى ارتياد الباعة للشراء منهم, مضيفا أنه لا يثق كثيرا في ما يبيعونه ويخشى قيامهم بحقن الإبل بإبر مدرة للحليب فيحرص على اختيار "الخلفات" التي ولدت للتو لضمان إدرارها للحليب لتغذية صغيرها "حوارها".

من جهته، قال المقيم محمد حبيب خان "باكستاني الجنسية": إنه يحرص على شراء حليب الخلفات الطازج بشكل مستمر، حيث يتواجد في الموقع بعد كل يومين ويشتري عبوة لكفيله وأخرى له شخصيا بعد أن عوّده كفيله شرب حليب "الخلفات"، ووجد فيه مذاقا جميلا وفوائد صحية كبيرة لاحظها بعد شربه المستمر للحليب.