حذر أكاديمي مصري من خطورة ما سماه استمرار حرب اللغات والحضارات في العالم بما يهدد استقراره.
وقال عميد كلية الآداب بجامعة الإسكندرية الدكتور أشرف فراج: إننا نخوض حاليا حربا على لغتنا العربية، ضمن حروب اللغات التي اجتاحت العالم من قرون مضت، مشيرا إلى أن الأوروبيين تعلموا اللغة العربية في العصور الوسطى لأن كل علوم ذلك العصر كتبت باللغة العربية مما اضطرهم لتعلم اللغة العربية لتساعدهم في التعرف على العلوم الجديدة حينها.
وشدد فراج خلال ندوة أدارتها الأثرية إنجي فايد بالمتحف المصري أول من أمس على أن العرب يحتاجون لمواصلة الإبداع والاختراع حتى نجبر الآخر على احترام اللغة العربية، موضحا أنه لو كانت أبحاث الدكتور أحمد زويل باللغة العربية لاختلف التعامل معها ولبحث العالم عنها وتعلم لغتها مثلما فعل قديما مع ابن سينا والخوارزمي.
وقال فراج أستاذ العلوم اللغوية المقارنة بقسم الآثار والدراسات اليونانية والرومانية وعضو مجلس إدارة المجلس الأعلى المصري للآثار إننا يجب أن نكون منتجين ومشاركين حتى نجبر العالم على احترام اللغة العربية ليس بالمال ولكن بالفكر والثقافة والابتكارات الجديدة، موضحا أن حرب اللغات التي خاضها العالم مستمرة وبدأت منذ دخل المستعمر إلى البلدان المحتلة وفرض عليها لغته وثقافته، وبالتالي تكون لغة البلد المحتلة هي اللغة الأضعف، لتأتي بعد ذلك المرحلة الثانية مرحلة المقاومة والتي يتم فيها صراع بين اللغة الأصلية ولغة المستعمر وهو ما يسمى بصراع اللغات ويعرف حاليا بصراع الحضارات.
وأوضح أن أخطر مرحلة هي مرحلة انهزام اللغة الأصلية وانتصار لغة المستعمر وفي هذه المرحلة تنهزم تعبيرات أصلية من اللغة ويحل محلها تعبيرات اللغة المستعمرة فيما يعرف بعملية الإحلال اللغوي ويحدث ذلك ببطء لذلك لا نشعر بها لتصبح بعد ذلك هذه التراكيب جزءاً من الجسم الأساسي للغة.
وأشار فراج إلى حادثة واحدة فقط انتصرت فيها اللغة الأم على لغة المستعمر، مثل اللغة اليونانية القديمة لأنها لغة محملة بإرث ثقافي كبير لم تستطع اللغة اللاتينية أن تتغلغل داخلها لقوة اللغة اليونانية، بل حدث العكس انتصرت اللغة اليونانية على اللاتينية وتغلغلت داخل اللاتين وهو نوع من الغزو المضاد لم يحدث في تاريخ البشرية إلا في هذه المرة.
وأضاف أن اللغة الفرنسية خلال فترة الاستعمار تغلغلت وغزت إفريقيا حيث بدأ ذلك بمحاولة تهميش الثقافة المحلية للأفارقة بمحو اللغات الأصلية لهم وبالتالي حلت الثقافة الفرنسية محل ثقافتهم، وتم ذلك عن طريق غلق المدارس وحرق الدواويين وتهميش لغات هذه البلاد مثل لغة الماكوندي والأكرأوكا في الكاميرون، والآن سكان البلاد الحاليون لا يتحدثون هذه اللغات.
وقال فراج إن إنجلترا كررت نفس السيناريو باضطهاد لغات الدول العربية، كما يحدث في فلسطين المحتلة عندما حاول ويحاول المحتل تهويد كل شيء بل أصبحت أسماء الشوارع بالعبرية، وفي إفريقيا انقرضت لغات الهوسا والسواحلية، وقضت إنجلترا على لغات الهنود الحمر في العالم الجديد مثل أميركا.
وأوضح أن أبرز حرب للغات ذلك الغزو الأمريكي للغات الأخرى وقد حدث ذلك من خلال منح قد رصدت لها مبالغ مالية كبيرة حتى تستقطب عدداً كبيراً من الشباب للغة الإنجليزية ونشرها في بلادهم لدرجة أن الأمريكان طوروا مقررات اللغة الإنجليزية لدارسي اللغة من كل دولة حتى تسهل وصول اللغة للدارسين في الدول المختلفة مثل الصين وإسبانيا والهند وأصبحت كل العلوم والمعارف واستخدامات الإنترنت بالإنجليزية الأميركية، لذلك اتجه الألمان لترجمة كل أبحاثهم في مجال الصناعة إلى اللغة الإنجليزية الأميركية حتى يسهل انتشارها والتعرف عليها، كذلك استخدمت السينما الأميركية لنشر اللغة ورصدت مبالغ كبيرة لصناعة السينما.