يوم أمس، حلت الذكرى الأولى لوفاة الوزير والأديب والشاعر والمثقف الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي. بالتاريخ الميلادي هي أول ذكرى له، الوزير الذي مرّ من هنا صامتاً لكن بضجيج. لا أحد يعرف كيف، لكنه يبقى مثيراً للجدل في حديثه وصمته. حتى وهو في قبره الآن - رحمه الله رحمةً واسعة - لأنه غازي فقط، لم ينسه الكثيرون، فله من اسمه نصيب.

القصيبي كسر عدة قواعد مرتبطة بالمسؤول أو الوزير السعودي، فألف الروايات وكتب القصائد وهو على رأس هرم الوزارات، بخلاف بعض الوزراء الذين يقومون بالتأليف بعد التقاعد. وهو الوزير غير الصامت، يتحدث ويناقش، استطاع - رحمه الله - الفصل بين غازي الوزير وغازي المثقف، فلكل من هاتين الشخصيتين مكانها وزمانها. ومع ذلك، لم يستطع خصومه الفصل بينهما. فجعلوا غازي القصيبي شخصاً واحداً في قراراته وفكره، بل قدموا فكر غازي على قراراته.

مثال على معارك غازي التي لا تنتهي قراره الأخير - رحمه الله - بتأنيث محلات الملابس النسائية الخاصة، حين وقف خصومه في وجه هذا القرار وقاموا بسوق كثير من الأعذار والتبريرات ومنها أنه مشروع تغريبي لإخراج المرأة وغيره من الأعذار المكرورة! تم تأجيل القرار في حياة غازي، وبعد وفاته أمر مجلس الوزراء مرةً أخرى بتطبيق القرار، والآن يجري التمهيد للتطبيق بشكل نهائي على قدم وساق، وأعتبر - من وجهة نظري - أن هذا القرار بمثابة معركة يديرها غازي القصيبي من المقبرة. أكبر عار هو صمت المخالفين وأعداء غازي عن القرار، لأن غازي رحل، فلم يعد مرتبطاً به، لكنه مازال اسماً محفوراً في الذاكرة لن ينسوه أبداً.

البطالة كانت الملف الأثقل والأصعب في حياة غازي القصيبي قبل وفاته حين كان وزيراً للعمل، حاول جاهداً فعل المستحيل، واستطاع كسر ثقافة العيب لدى الشباب من خلال نزوله للميدان ودعم الشباب العامل في المطاعم والمقاهي من خلال ارتداء أزيائهم ومحاولة إيصال رسالة أن تحصيل الرزق ليس عيباً، وأن الوظيفة لا يشترط فيها أن تكون في مكتب أو تكون مديراً فقط. ارتدى زي الشيف، والطباخ. والتقطت له الصور مع العاملين في المقاهي والمطاعم وغيرهما. خاطب الشباب بلغتهم، ونزل الميدان مع العاملين.

أبو يارا، سيرة عطرة، وتاريخ لا يمكن اختصاره في مقال. كتبت عنه في آخر معاركه وحياته فقط وآخر محطة وزارية. رحمه الله رحمة واسعة.