اختار لها القدر أن تكون من أهم مناطق البترول والصناعة في الخليج، وتتنفس دول العالم من زفير آبار ذهبها الأسود، أما سكانها فكان عليهم أن يتحلوا بالصبر والسلوان كلما دفنوا "موتى سرطانهم" لتحتل المنطقة الشرقية أعلى نسبة إصابة بـ"الخبيث" ـ في المملكة ـ دون أن يتبين للمسؤولين سبب، سوى الأشياء العامة الموجودة في بيئة أية منطقة، أو تصيب أي فرد.
نسبة الإصابة
المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور خالد مرغلاني أكد لـ"الوطن" أن المنطقة الشرقية تحتل النسبة الأعلى في الإصابة بالسرطان، حيث تصل نسبته عند الرجال ـ بسرطان الرئة ـ 12%، وأعلى نسبة إصابة عند النساء هي الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 26%. موضحا أن أكثر أنواع السرطان انتشارا في المملكة سرطان الثدي 9,7% ـ ترتيبه بين أنواع السرطان الأخرى ـ ويصاب الرجال في الأغلب بسرطان الدم 9,6%، والنساء بسرطان الثدي بنسبة 19,9%.
ما هو السرطان؟
رئيسة قسم الأشعة بكلية الطب في جامعة الدمام الدكتورة فاطمة الملحم عرّفته بأنه نمو غير طبيعي للخلايا التي تميل إلى التكاثر بطريقة غير متحكم فيها، وفي بعض الحالات تنتشر في الجسم، وقد تكون في حالة مستقرة من التكوين والاختلافات الجينية الجديدة التي تحدث يوميا لبعض الخلايا وينتج عنها طفرات تزال وتنتزع بواسطة الجهاز المناعي، ولكن لاحقا فإن بعض هذه الخلايا المطفرة تفلت من دفاعات هذا الجهاز وتتطور إلى أورام تنمو وتنتشر بطريقة غير متحكم فيها وتكون السرطان.
وحددت الدكتورة فاطمة عدة مسببات للسرطان تؤدي إلى تكون الورم، منها داخلية تتمثل في عوامل التكوين الوراثي لكل فرد على حدة، إلا أن العامل الوراثي لسرطان الثدي لا يتعدى 5 إلى 10%، والعوامل الخارجية تتمثل في البيئة المحيطة بالفرد ومكوناتها المختلفة التي يتفاعل معها الفرد ويعايشها، وهي تعد أكثر عوامل الخطورة في الإصابة بالسرطان ومنها المواد التي يتعرض لها الفرد يوميا سواء بالمصادفة أو المعايشة أو في مواقع العمل أو أن تكون مواد في الطعام والهواء، والتقدم في السن، وتدخين التبغ، والتعرض لأشعة الشمس، والأشعة المؤينة، وبعض المواد الكيميائية، والإصابة ببعض الفيروسات والبكتيريا، وبعض الهرمونات مثل استعمال هرمون الإستروجين الصناعي، وتاريخ العائلة مع السرطان، واستعمال الكحول، وسوء التغذية وقلة النشاط البدني أو زيادة الوزن.
الفحص حلا
المديرة التنفيذية لمركز الشيخ محمد حسين العمودي للتميز في رعاية سرطان الثدي بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتورة سامية العمودي ومن خلال تجربتها مع سرطان الثدي قالت: إن الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي هو الطريق المتوفر حاليا لرفع نسبة الشفاء، ولذلك تنصح المنظمات العالمية السيدات بعمل أشعة الماموجرام لمن هن في الأربعين من العمر سنويا، لكن طبيعة الإصابة عندنا أظهرت أن 30% من السيدات يصبن وهن دون الأربعين من العمر مقارنة بـ7% في الدول الأخرى، لذلك ننصح بالبدء في عمل الماموجرام من سن الخامسة والثلاثين، ثم إن الفحص الدوري كل ثلاثة أعوام عند الطبيب المتخصص يعتبر من الأهمية بمكان، ويجب على كل سيدة عمل الفحص الذاتي للثدي ابتداء من عمر 20 عاما، وهو فحص شهري بعد الانتهاء من الدورة الشهرية مباشرة حتى تتعرف السيدة على ملمس الثدي عندها، فإذا حدث تغيير ما وقد لاحظته فقد أصبح لزاما عليها استشارة الطبيب المتخصص.
تجربة د.سامية
"يا إلهي ألهذه الدرجة تحبني حتى ترسل لي رسالة حب كهذه" بهذه المفردات الروحانية توجهت الدكتورة سامية لمخاطبة ربها بعدما تأكدت أنها أصيبت بسرطان الثدي، تلك كانت اللحظة الأولى في هذه التجربة الإنسانية التي تعيشها هذه الأيام مع سرطان الثدي، وتضيف: تقبلته لأنه من الله وكتبت أنني شعرت بها رسالة حب من الله ـ عز وجل ـ وصبرت وحاربت حتى لا أرحل وأترك ابني وابنتي وأنا لهما الأم والأب، وحاربت حتى لا تقع امرأة في المعاناة مثلي وأصبحت القضية رسالة عمري؛ ولأن المؤمن مبتلى، والاستسلام للقضاء خيره وشره ليس فلسفة أو آيات نحفظها وننساها عند وقوعنا في المحك الحقيقي، والمرض تجربة قاسية لكنها فرصة للقرب من الله تعالى، وما ينقصنا أيضا هو التمكين من المعلومة الصحيحة، فالناس يجهلون أن العلم قد تطور، وعلاج سرطان الثدي تحديدا أعطى فرصة لكثير من السيدات للشفاء، وهناك من عاشت وتعيش بسرطان الثدي لـ"عشرين وثلاثين عاما"، وهذه حالات أعرفها شخصيا، وتنصح الدكتورة كل سيدة بالفحوصات التي ذكرتها آنفا، وهي تقوم الآن بدور كبير في نشر الوعي بين السيدات على مختلف الأصعدة.
دعم ورعاية
المدير الإداري لجمعية السرطان السعودية في المنطقة الشرقية عبدالرحمن الشهري أوضح لـ"الوطن" عن عزم الجمعية على افتتاح فرع لها في الأحساء خلال الأشهر المقبلة ليسهم في تقديم خدمات الكشف المبكر لسكان المحافظة من المواطنين والمقيمين ـ خصوصاً النساء ـ ويأتي افتتاح الفرع بعدما تكفل رجل الأعمال سعد العرجي بالتكاليف لمدة سنتين ومبلغ 600 ألف ريال، وفي محافظة الجبيل بدعم من رجل الأعمال عبدالله البراك، مؤكدا سعي الجمعية وحث المتبرعين لافتتاح مكاتب أخرى في حفر الباطن والخفجي وبقية محافظات الشرقية، موضحا أن الجمعية تستقبل كل من يعيش على أرض هذه البلاد سواء من المواطنين أو المقيمين للكشف والمساعدة، وأنها تقدم خصومات على تذاكر الخطوط السعودية بنسبة50%، وكذا بقية المواصلات العامة لمن هم خارج منطقة العلاج ويقطنون في مناطق تبعد عن المستشفيات التي يراجعونها، كما تتعهد الجمعية بتكاليف السكن وتوفيره لهم، ونوه الشهري بدور الجمعية الذي حقق نتائج ملموسة على المستويين المحلي والدولي، ومن خلال سيارات الماموجرام التي تطوف المنطقة للكشف المجاني على السيدات.