حين يتم تعيين مسؤول فإنه في أكثر الأوقات ـ خصوصاً في السنوات الأخيرة ـ أصبح يطلب مهلة، بعضهم بعشرات الأيام وبعضهم بالمئات. هذه المهلة من أجل التعرف على الوزارة وملحقاتها وملاحقها ومخصصاتها، ثم يبدأ العمل. ويبدأ مسلسل التعيينات الجديدة والترقيات، ومسلسل النقل والتعاقدات، وفجأة يكتشف العاملون في الوزارة ـ أيا كانت ـ أنهم على موعد مع وزير جديد أو رئيس هيئة ـ سواءً كانت للأمر بالمعروف أو مكافحة الفساد ـ والمواطن ينتظر الثمرة من شجرة الجهة الحكومية المباركة. فهيئة مكافحة الفساد مثلاً جهاز رقابي مهم وتفاءل الناس بتعيين رئيسه وهو محمد بن عبدالله الشريف، لكن الهيئة بالتأكيد للتو انتقلت إلى مقرها الجديد، وتحتاج بعض الوقت للهيكلة ووضع تنظيمات داخلية لتفعيل دورها. لكن يبدو أن عدد قضايا الفساد والرشاوى وغيرها في ازدياد، وفي الوقت الذي يتم تجهيز المقر والانتقال إليه قد تزيد هذه القضايا، سواءً بمعدل قضية واحدة أو مئة قضية. قبل أيام، نشرت إحدى الصحف عن قضايا الفساد التي ضبطتها المباحث الإدارية، وكان الارتفاع مهولاً حتى تجاوز 1000 قضية تقريباً في العام المنصرم. وزارة الداخلية من خلال جهاز البحث الإداري قامت بضبطها، وهنا يأتي السؤال: ما هو دور هيئة مكافحة الفساد إذاً؟ الشبكات الإلكترونية نشرت الكثير والكثير عن بعض قضايا الفساد بالوثائق والصور، وهذا لا يعني أنني أعطي هذه المواقع مصداقية عالية أو ماشابه ذلك، بل أقول إذا كانت هناك وثائق نشرت وأخبار عن اختلاسات أو مشاريع على ورق، فليس عيباً أن تبادر هيئة مكافحة الفساد بالتفاعل مع هذه الأخبار ومحاولة البحث وراءها للتأكد. طريق سريع ومختصر. الصحف الورقية تنشر مقالات وتحقيقات وتفتح ملفات فساد، هل سعت الهيئة للبحث وراءها ومتابعتها؟ يشيب الرأس لأحاديث المجالس، ومن المهنية والاحتراف عدم أخذ (سواليف) المجالس على محمل الجد، فقد تكون محتملة للزور والبهتان، لكن هذه الأحاديث المتعلقة بالمشاريع والفساد ونحو ذلك قد تكون عوامل مساعدة من خلال تخصيص بريد إلكتروني وخط ساخن لاستقبال البلاغات، أو مقابلة المهتمين من المجتمع بمحاربة الفساد. لو خرج الشريف محمد في كل ثلاثة أشهر مرة واحدة في مؤتمر صحافي، ليتحدث عن الفساد الذي حاربته الهيئة فإنه سيكون مثالاً للمسؤول العامل الناطق، بعضهم يتحدث أكثر مما يعمل، وآخرون يعملون بدون حديث. أما في مسائل الفساد، فإن المجتمع يريد أن يعرف ماذا يحدث.