تقول لي رسالة الاستعطاف من إحدى المنظمات الخيرية (إن قيمة الوجبة الواحدة لجائع من إخوتنا في الصومال تساوي 16 هللة). أعدت قراءة الرقم على كل الأوجه عشر مرات، وفي كل مرة أتمنى أن يكون الحساب صحيحاً، لأن ما أصرفه يومياً، بشكل شخصي، على هواتف أسرتي الجوالة وحدها كاف لإنقاذ قبيلة. وكم يعصرني الألم حد اعتزال مقاطع – اليوتيوب – لأن ما فيها من الفظاعة يأخذ أصحاب الضمير إلى درجة هائلة من العذاب النفسي على هؤلاء الذين يصومون قهراً بالأسبوع بينما نحن نغالب اليوم القصير بالهروب إلى المخدة، وتحت المكيف، حتى في أبها التي ترتعد ظهراً من البرد.

هل صحيح أن 16 هللة تكفي لوجبة جائع؟ لا يوجد لدي برهان مع أو ضد المعلومة ولكنني سأحاكم العقل والمعقول. أنا أطالب هذه الجمعيات الخيرية بمزيد من التوضيح والشفافية. أين سيذهب ريالي الذي يستطيع وحده أن ينقذ أسرة كاملة؟ أو بالأصح: ماذا يستطيع هذا – الريال – المجرد أن يعمل ويفعل؟ أنا مؤمن في شيء أن هذه الجمعيات تدغدغ عواطف الناس من أجل استدرار هذه التبرعات ومن أجل – تهوين – المشكلة. لو تبرع كل مواطن سعودي بريال واحد في اليوم لجمعت هذه الجمعية 25 مليون ريال ولأنقذت بهذا المبلغ 200 مليون صومالي. ثم إن السؤال الأهم: لماذا ترسل لنا هذه الجمعية آلاف الرسائل النصية (كل رسالة بربع ريال) وهي بالبرهان والإثبات تمتلك في حسابها مئات الملايين التي تستطيع بها أن تشتري ملايين الوجبات إن كانت الوجبة مثلما تقول لا تكلف أكثر من 16 هللة؟ لماذا تبني هذه الجمعية العالمية أعرض وأفخم عمارة استثمار على الشارع العام إذا كانت قيمة – الحديد – وحدها وبالحساب تستطيع إنقاذ شعب الصومال لنصف عام إن صدقوا هم أنفسهم في هذه التكلفة الزهيدة جداً جداً للوجبة الواحدة؟ المشكلة أن لا أحد يريد فتح ملفات هذه الجمعيات حتى بمثل هذه الرسالة المريبة.