جددت الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز دعمها لقضية "طفلة اللعان" سعياً إلى إيجاد حل مناسب للطفلة فاطمة التي وقعت ضحية خلاف بين والديها انتهى إلى "الملاعنة" مما أفقدها حقها في الانتساب إلى الأب، وحرمها الاسم والهوية الوطنية إلى اليوم. وبعد حضورها ملتقى للجمعيات الخيرية في القطيف أمس، قالت الأميرة عادلة ردا على سؤال "الوطن" حول وعدها بالتدخل في قضية فاطمة، إن "القضية وصلت مراحلها الأخيرة، وستحسم قريبا جدا لصالح الطفلة".
من جانبها، أبدت والدة فاطمة ثقتها بالأميرة عادلة، قائلة إنها ستنهي القضية التي جعلتها هي وابنتها تعيشان كابوسا زاد على عشر سنوات.
رغم ذلك، أكدت والدة الطفلة في اتصال مع "الوطن" أمس إصرارها على إجراء تحليل الحمض النووي لتأكيد أبوة زوجها السابق لابنتها فاطمة "فهذا كفيل بحفظ حقها، وحقي أنا أيضا" على حد تعبيرها.
ولا تزال فاطمة (12 عاما) التي تقيم مع والدتها في ظهران الجنوب بمنطقة عسير، تواصل دراستها في الصف الخامس الابتدائي بصورة غير رسمية، دون أن تتمكن من الحصول على إشعارات دورية وشهادات نجاح.
حذر ملتقى مناهضة العنف ضدّ المرأة والطفل من تبعات فاتورة العنف الأسري على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المملكة. وأجمعت ست أوراق عمل قدمتها باحثات متخصصات في الملتقى الذي عُقد عصر أمس برعاية الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز بمحافظة القطيف، على ضرورة بناء ثقافة وطنية شاملة لمواجهة كلّ مفردات العنف، وبالذات العنف الأسري الموجه نحو المرأة والطفل.
وحملت أوراق العمل دعوات مباشرة وغير مباشرة إلى الاستفادة من التقدم المؤسسي في البلاد لصالح المواجهة وتأمين الحماية لضحايا العنف. وأكدت الأميرة عادلة المضمون ذاته في كلمتها التي تصدّرت الملتقى.
ونوّهت الأميرة عادلة بالتقدم الاجتماعي والمؤسسي الذي أخرج قضايا العنف الأسري من دائرة السرية إلى المؤسسات الحكومية المختصة ووضع حدود فاصلة بين العنف واللاعنف، وتفعيل برامج الحماية والرعاية في إطار أنظمة البلاد وثقافته الإسلامية.
وكانت الأميرة قد زارت، صباح أمس، جمعية أم الحمام الخيرية بمحافظة القطيف، وحضر مسؤولون في الجمعيات الخيرية بالمحافظة، واستعرضوا أنشطة الجمعيات وأداءها. وأشادت سموّها بدور العمل الاجتماعي التطوعي في المنطقة الشرقية، واصفة إياه بأنه مشرّف ويدل على حس عال في الانتماء الوطني. وفي عصر اليوم نفسه رعت سموها الملتقى الذي نظمه برنامج الأمان الأسري وجمعية العطاء النسائية بمحافظة القطيف، واستضافته صالة الملك عبدالله الوطنية بالمحافظة.
فاتورة اقتصادية عالية
وفي ورقتها المعنونة بـ"التكلفة الاقتصادية للعنف المجتمعي" حذرت مساعد المدير الإقليمي لقسم البنات بالجامعة العربية المفتوحة بالدمام الدكتورة نعيمة الغنام من تأثيرات العنف ضدّ المرأة والطفل في الاقتصاد الوطني، مستشهدة بإحصاءات دولية، وعاتبت ـ تلميحاً وإيماءً ـ غياب الإحصاءات المماثلة في المملكة.
واستعرضت الغنام تجارب دولية نقلاً عن وثائق الأمم المتحدة في بعض الدول الغربية، "ففي دراسة أجريت بكندا سنة 1995 بلغت التكلفة السنوية للعنف ضد المرأة والطفل 684 مليون دولار، منها 187 للشرطة، و264 مليوناً تكاليف استشارات وتدريب". وأضافت "وطبقا لدراسة بريطانية عام 2003، بلغت تكاليف العنف 23 مليار جنية إسترليني، بمعدل 440 جنيهاً لكل فرد، وخرجت دراسة مصرية قامت بها (مجموعة كرامة) بأن تكلفة العنف ضد المرأة والطفل تستهلك 4% من الميزانية العامة للدولة المصرية".
وأكدت الغنام المخاطر المعنوية المترتبة على العنف مثل "التدهور الصحي وغياب النوم العميق والتركيز، والشعور بالخوف والغضب، وغياب الثقة بالنفس، والاكتئاب، والعزلة، وضعف الاتصال والتواصل مع الغير" محذرة من أن كل ذلك يسيطر على الطفل حتى وإن "لم يتعرض لعنف مباشر"، مضيفة "بالتأكيد تزيد الخطورة في حالة تعرض الطفل للعنف المباشر". وقالت "من يمارس العنف لو توقف لحظة ليسأل: هل أريد لطفلي أن يتعرض لتلك الأمراض والأخطار؟ لقل العنف كثيرا ببلادنا".
وعادت الغنام إلى موضوعها الرئيس بادئة بذكر "القاعدة العامة لحساب تكلفة العنف ضد المرأة" التي تتكون من "حاصل جمع: قيمة انخفاض الإنتاجية واستهلاك أموال الضمان الاجتماعي". وفصّلت "يحسب انخفاض الإنتاجية، بفارق حساب إنتاج المرأة قبل أن تتعرض للعنف وبعده"، وقالت هناك "استهلاك أموال الضمان الاجتماعي متعدد العناصر مثل، تكلفة العلاج، مصروفات الحماية، الأدوية، تكلفة الإيواء، وغيرها من العناصر" إضافة إلى "تفاصيل التقاضي، مجهودات الشرطة، مفردات التكاليف الصحية". واسترسلت الغنام " بالطبع يدخل العنف ضد الطفل لنفس القاعدة، وللأسف تغيب الدراسات الاقتصادية الخاصة بالعنف ضد الطفل، ولكن بالتأكيد تكلفة العنف ضد الطفل كبيرة ويمكن حسابها".
وقالت إنه "يمكن عمل القاعدة واحتساب التكلفة عن طريق، العملية الحسابية التي تشمل التكلفة المباشرة التي تقدم نقداً مثل، ثمن الدواء، مصاريف النقل للمستشفى، ثم تجمع على التكلفة غير المباشرة التي لا تدفع نقدا بشكل مباشر وتحسب كخسائر قابلة للتقييم، مثل معدل انخفاض عدد ساعات العمل"، ولكنها أضافت "مازالت هناك صعوبة في تقييم التكلفة غير المباشرة إذا كانت غير ملموسة مثل شعور الطفل بالخوف، أو شعور المرأة بعدم الأمان". وذيّلت رؤيتها بأن فاتورة "العنف الموجه ضدّ المرأة والطفل تفوق التصورات".
ولكن الاختصاصية النفسية ليلى الكاظم استخدمت أسلوباً آخر في استعراض العنف الأسري، ومن خبرتها العلاجية عرضت حالات مرضية نفسية حقيقية خضعت لعلاجات مكثفة بعد تعرضها للعنف. وشملت الحالات الجنسين، كما تناولت أمراض الاكتئاب والفصام والتوتر والفشل والمشاكل الجسدية الأخرى المترتبة على الوضع النفسي.
مساواة وتفاوت
وفي ورقتها المعنونة بـ"الخبر الغائب لمبتدأ المرأة في الإسلام" ركزت أستاذة الفقه الإسلامي بجامعة الملك فيصل الدكتورة ميادة محمد الحسن على كون "الرجل والمرأة" عمادين في التصور الإسلامي، متناولة في أصل "التساوي" في الإنسانية من حيث "وحدة الخلق والوجود ووحدة التكليف ووحدة الجزاء والعقاب"، كما تناولت "التفاوت بين الرجل والمرأة" الذي "يعود إلى الاختلاف في الخلقة الجسمية وبالتالي الوظيفة البيولوجية لكل منهما"، كما تحدثت عن "أهلية المرأة لممارسة دورها في إعمار الأرض"، مستشهدة بتمكين الإسلام للمرأة من خلال "قيادة الأسرة وإمضاء النكاح أو فسخه والتشاور في شؤون الأسرة والتخصص العلمي والعملي"، علاوة على "المشاركة في العمل الاجتماعي".
أما على الصعيد الاقتصادي فأوضحت أن التصور الإسلامي يؤكد أن "ملكية المرأة تامة وتصرفها في ملكها نافذ ولها حق التوكيل والتمثيل". وتناولت الحسن الصعيد السياسي الذي يبيح للمرأة "المشاورة في تنظيم أمور الحكم و مراجعة حكم الحاكم وإبداء الرأي بهدف تصحيح الاجتهاد والإفتاء".
تعريف برامج
وقدمت مديرة البرنامج الأسري مها المنيف عرضاً موجزاً للبرنامج، أوضحت فيه جوانبه التنفيذية والتخطيطية وأهدافه المستقبلية، فيما قدمت رئيسة قسم الحماية الاجتماعية وعضو الجنة التنفيذية للحماية طرفة المسلم عرضاً تفصيلياً لضوابط وإجراءات الحماية الاجتماعية، مؤكدة التزام الحماية الاجتماعية "بالسرية التامة في التعامل مع الحالات المعنفة، والتكفل بكافة الإجراءات التي تؤمن الحماية بما في ذلك الإيواء والعلاج وإعادة تأهيل المعنفين، ووضع القضايا في موقعها الإجرائي السليم الذي يراعي الضوابط الرسمية والثقافة الاجتماعية".
وقالت المسلم إن عمل لجان الحماية "يشمل المرأة أياً كان عمرها والطفل دون سن الـ18"، مضيفة إن العمل لا يشمل القضايا التي تُعتبر من اختصاص القضاء "مثل الحضانة والنفقة والخلع والسكن".
كما قدمت رئيسة القسم النسائي بمركز التنمية الأسرية بالأحساء منيرة العبدالهادي عرضاً لمساهمة المرأة السعودية والمؤسسات الوطنية في مواجهة العنف.
وقبل انتهاء الملتقى شاركت حاضرات بمداخلات حول قضايا العنف ضدّ المرأة والطفل. وأكدت رئيسة جمعية العطاء النسائية الدكتورة أحلام القطري لـ"الوطن" أن الملتقى عبّر، بوضوح، عن التوجه الوطني نحو تطوير برامج الأمان الأسري والرعاية الاجتماعية بالوصول إلى جذور القضايا القائمة ومعالجتها على نحو علمي فعال. وأضافت أن رعاية سمو الأميرة عادلة للملتقى المقام بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل تحمل دلالة رمزية مهمة على الثقل الرسمي الذي يمثله برنامج الأمان الأسري من جهة، والفعاليات التي تقدمها المؤسسات الاجتماعية الرسمية وشبه الرسمية. فيما أشارت اختصاصية الأطفال الدكتورة نهاد الجشي إلى الدور الاجتماعي الذي يجب أن يتمّ تفعيله بشكل أفضل في المؤسسات الأهلية بالذات سعياً إلى تطوير وسائل الحماية الأسرية.