نشبت مصادمات دامية بين متظاهرين أقباط وأفراد من جهاز الشرطة المصرية بسبب اعتراضهم على وقف العمل في مبنى للخدمات حولوه إلى كنيسة دون تصريح من الجهات المختصة، مما أوقع قتيلا و41 جريحا.

ويمثل هذا الحدث تطورا نوعيا في تظاهر الأقباط خارج نطاق دور عبادتهم، كما تعد هذه المصادمات هي الأسخن منذ أحداث الفتنة الطائفية في عام 1977.

وترجع أبعاد الأزمة إلى تذمر الأوساط المسيحية في منطقة العمرانية التابعة لمحافظة الجيزة بعد منعهم من استغلال مبنى مكون من أربعة طوابق، تم ترخيصه لتقديم الخدمات للمواطنين، لكنهم تحايلوا على قرار السلطات وحولوه إلى كنيسة، ومع قيام الشرطة بالتصدي لهذه المخالفة، تجمهر نحو ألف مسيحي أمام "المبنى" لليوم الثالث على التوالي، في محاولة منهم لاستكمال أعمال البناء، رغم عدم الحصول على الترخيص النهائي الخاص باستكمال البناء نظرا لوجود مخالفات هندسية عديدة في مقدمتها تشييد (قباب) بالمبنى تمهيدا لتحويله إلى مبنى كنسي بالمخالفة لما هو مثبت في أعمال البناء من كونه مبنى مخصصاً للخدمات.

وقالت مصادر بالمحافظة إن المتظاهرين حاولوا خلال فترة وجودهم أمام المبنى سبب الخلاف، فرض الأمر الواقع على الجهات المعنية وذلك من خلال استكماله بالقوة، وإدخال سيارات نقل متعددة محملة بمواد بناء، في محاولة لاستثمار المناخ الانتخابي، رافضين الانصياع والاستجابة للنصح والتحذير بضرورة الالتزام بالإجراءات القانونية المحددة في عملية البناء.

وقام المحتجون في السادسة والنصف صباح أمس بتصعيد تحركهم، حيث تسلقت أعداد كبيرة منهم مبنى الخدمات وأقدموا على رمي القوات الأمنية المتواجدة لتأمين تظاهرهم، بالحجارة وزجاجات حارقة، وقطعوا الطريق الدائري وأوقفوا الحركة المرورية غير عابئين بتحذيرات قوات الأمن بضرورة الكف عن تلك التصرفات والأفعال.

ومع التضييق عليهم توجه نحو 3000 منهم إلى مقر ديوان عام محافظة الجيزة بمنطقة الطالبية بشارع الهرم -جنوب غرب القاهرة - يتزعمهم أحد القساوسة، محاولين اقتحام المقر وقاموا بتكسير سور المحافظة، ورشق رجال الشرطة بالحجارة والزجاجات الحارقة التي أعدوها سلفا لهذه المواجهة، كما قاموا بإلقاء الحجارة على العقارات والأبنية السكنية المجاورة وإشارات المرور.

وأسفرت المواجهات عن إصابة نائب مدير أمن محافظة الجيزة وقائد قوات الأمن المركزي بالمحافظة، ولواء بالأمن المركزي، ولواء بالدفاع المدني، ولواء بمرور الجيزة. بالإضافة إلى 5 ضباط شرطة، و15 مجندا.

ومع توافد أعداد كبيرة من الأقباط إلى مكان التظاهرة ، مما تسبب في إحداث أزمة مرورية بمنطقة فيصل والهرم، استدعت السلطات الأمنية قوات إضافية من مكافحة الشغب، لتطويقهم، لكنهم انهالوا على الشرطة بالحجارة وبالصلبان الخشبية التي كانوا يحملونها، فاضطرت الشرطة للرد عليهم فاعتقلت نحو 100 شخص، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى اختناق بعض المتظاهرين الذين تم تحويلهم إلى مستشفى أم المصريين القريب من مكان التجمهر. إثر ذلك وبعد التضييق عليهم توجه العشرات من المحتجين إلي مبنى حي العمرانية، وقاموا برشق العاملين بالحجارة واحتجاز بعضهم وتحطيم واجهة المبنى بالكامل، بالإضافة إلى إتلاف 10 سيارات كانت قبالة المبنى، وذلك احتجاجا على قيام رئيس الحي اللواء محمد حسن حمودة بوقف بناء ذات كنيسة.

وهتف المتظاهرون ضد رجال الأمن، مرددين "يا صليب فينك فينك.. أمن الدولة بينا وبينك"، و"نموت نموت ويحيا الصليب"، مطالبين محافظ الجيزة سيد عبد العزيز "بعدم التمييز بين المسلمين وبينهم في بناء دور العبادة".وكلفت الجهات التنفيذية على الفور لجنة قانونية لدراسة الموقف وتقديم تقرير شامل عن حقيقة تحويل المبنى إلى كنيسة".

وقال مدير مستشفي أم المصريين إن قسم الطوارئ استقبل 41 مصابا غالبيتهم من الشباب، بجانب شخص آخر مسيحي تبين بعد توقيع الكشف عليه أنه ميت، ويدعى ماكاريوس جاد شاكر -19 عاما.

واستنكرت الكنيسة المصرية هذه الأحداث، وقالت قيادات كنسية إن بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية شنودة الثالث طالب قياداته بتهدئة الموقف، والحفاظ على أمن الوطن.