هل يمكن للعقل أن يصدق أن ـ مافيا ـ المصالح قتلت قبل أعوام واحداً من أنبغ العلماء لأنه كان على وشك أن يعلن اكتشافه المذهل لعلاج فيروس ـ الإيدز ـ بعد أن أنهى تحضيراته المخبرية على آلاف المصابين في القارة الأفريقية؟ والسبب التلقائي البدهي لأن ـ علبة مصل ـ للقضاء على نشاط الفيروس ستقضي على ـ بيزنس ـ عولمي هائل، تستفيد منه شركات الدواء العملاقة، بمثل ما سيشكل هذا الاكتشاف من نكسة هائلة على ـ كارتيل ـ المصالح في التأمين وفي الخدمات الطبية، التي يستنزف من أجلها هذا الوباء ما يقرب من مئة مليار دولار، ومرشحة لأن تصل للضعف قبل نهاية هذا العقد. يثبت العلم أنه بلا براءة إنسانية مثلما يتوقع البعض. قالوا عن ـ إنفلونزا الخنازير ـ إنها مرشحة لقتل مئة مليون حول العالم قبل أن ينتهي عام 2009، وبعد أشهر بسيطة تعترف منظمة الصحة العالمية أن تضليلاً هائلاً متعمداً حول طبيعة هذا الفيروس، كان من أجل تسويق ملايين عبوات اللقاح وبرامج الوقاية المختلفة من المرض. ثم ثبت بالإحصاء أن الإنفلونزا العادية قتلت في ذات العام ضعفي ما قتلته إنفلونزا الخنازير.

هنا يكمن الصراع بين أقطاب المصالح وبين براءة العالم في مختبره. وفي وصية أحد كبار علماء مكافحة التدخين أنه قبل برشوة هائلة وبالملايين من أجل أن يتوقف عن إكمال اختراعه لوصفة الحقن بالنيكوتين، التي تضمن للمدخن أن يتوقف بعد الجرعة السابعة دون شعور بأي أعراض انسحابية. دفعوا له الملايين كي يضمنوا تدفق مليارات هذه الصناعة. ما الذي سيحدث غداً لو أن البقية من نوابغ العلماء توصلوا إلى حلول لأمراض السكر والضغط على سبيل المثال، حيث ربع العالم بالضبط يدفع يومياً من جيبه من أجل هذين المرضين؟ هل تعتقدون أن العلم التقني الذي وصل اليوم إلى هذه الدرجة الاستثنائية المدهشة عاجز أن يبتكر الحلول لعشرات الأمراض الوبائية؟ وهل تعتقدون أن القصور محصور في عجز المختبر؟ بمثل ما يحتاج العلم للمال بقدر ما يرتاب المال من حركة العلم.