لليمن طبيعته، ولشعبه طبيعته التي جعلته من أكثر شعوب العالم هجرة خارج وطنه، فتجد في العائلة اليمنية الواحدة شخصا يحمل جواز سفر سعوديا، وآخر يمنيا، وثالثا إماراتيا، وربما رابعا إندونيسيا، وهذا التنوع انعكس على المدرجات التي رفعت فيها كل الأعلام.

وعلى الرغم من الإجماع هنا على أن المنتخب اليمني هو الأول في قلوب اليمنيين، إلا أن زائر عدن هذه الأيام لن يفاجأ أن يقول له شاب يمني إن منتخبه الأول هو "العراق"، وهو ما قاله عمر محمود (21 سنة)، مطابقاً بذلك ما قاله إعلامي يمني يرأس مكتب إحدى القنوات الفضائية العراقية.

أما الروابط الرسمية للجماهير فيبقى لها مواقفها، إذ يقول رئيس أحد الروابط اليمنية عمار الحجري "كبلد مستضيف يجب أن نشجع منتخبنا أولاً، ثم بعده جميع المنتخبات، مع مراعاة حق الجوار الذي يربطنا مباشرة مع السعودية وعمان. وحق الجوار نقصد به أن لنا انتماءات وإن كانت في الدرجة الثانية بعد اليمن، لكننا كرابطة مشجعين نعمل كوحدة تشجع الأحمر فقط، أما في المباريات التي لا يلعب فيها اليمن فكل منا حر في تشجيع من يريد".

والتقت "الوطن" في أحد أسواق الشيخ عثمان أربعة شباب في مقتبل العمر كلهم أبناء عمومة يحمل أحدهم العلم اليمني والآخر السعودي واثنان منهم يرتديان الزي الإماراتي، وبرر أكبرهم هذا التنوع، بالقول "أصولنا يمنية لكنني سعودي الجنسية والانتماء، وأشجع الأخضر حد الجنون ولا أستطيع أن أقول عن الأحمر اليمني إلا أنه منتخبي الثاني"، ويضيف "خطبت ابنة عمي وهي تقيم في الضالع وهي يمنية متعصبة و"الله يعين على النقرة".

الإماراتيان قالا إنهما مقيمان في رأس الخيمة ووالدهما هاجر للإمارات في السبعينات الميلادية وسيكونان مع اليمن في كل مبارياته إلا أمام الأبيض الإماراتي، وهما يعترفان أنهما لا يعرفان من نجوم المنتخب اليمني إلا علي النونو، فيما أصر حامل العلم اليمني على أنه وعلى الرغم من سفراته الكثيرة للإمارات والسعودية إلا أنه لن يقف إلا خلف اليمن.

أبو محسن في منتصف الخمسينات من عمره جاء إلى عدن من شبوة "جردان" وكان متحمساً للأخضر ربما أكثر من بعض السعوديين، وقال لمحررينا "ما لكم باردين، وين الأعلام والصور، نريد مسيرات احتفاء بالفوز"، وعندما أخبروه أنهم في مهمة صحفية والأخضر في القلوب لم يقتنع وبقي على غضبه، وحينما سئل عن سر حماسته للسعودية قال "أخي سعودي وأبنائي يعملون فيها وهي مصدر رزقي وأحبها وأشجعها".

ويضيف جئت بستة من أقاربي من شبوة، وتحملت تكاليف سفرهم وإقامتهم في عدن "مشمولين محمولين" لأجل أن يقفوا خلف الأخضر مع أنهم اشترطوا أن تستثنى مباراة اليمن.

أما في الجانب النسائي للمشجعات اليمنيات فكان الاختلاف والازدواجية في الانتماء أكبر، نظراً للروابط الأسرية التي تجمع أغلب نساء جنوب اليمن مع دول الخليج بحكم الموقع الجغرافي، حيث تواجدت في مدرجات ملعب 22 مايو أول من أمس في مباراة الافتتاح بين المنتخب السعودي واليمني من كان زوجها سعوديا وهي يمنية فرفعت علمي المملكة واليمن وأخرى سعودية بالتجنس لكن أهلها في اليمن ذهبت معهم إلى المباراة حاملة راية المنتخب اليمني.