لم تحل أحكام الإعدام الصادرة بحق عدد من رموز "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" والذين يقبعون في السجن المركزي بالعاصمة الموريتانية، من السعي الدؤوب لاقتناص لحظات رومانسية، رغم توقعهم، في أي لحظة، تطبيق عقوبات سالبة للحياة. وطالب السجناء المتهمين في قضايا إرهابية والمتزوجون حديثا منحهم حق الخلوة الشرعية بزوجاتهم مراعاة لظروفهم الاجتماعية ووجودهم داخل المعتقلات. وكان عدد منهم طلب من السلطات، في مناسبة عطلة عيد الأضحى، السماح لهم بالخلوة الشرعية أسوة بباقي سجناء الحق العام، والنظر بعين الرأفة لمطالبهم "العادلة"، خصوصاً أن ظروف اعتقالهم قاسية - حسب قولهم- حيث إن غالبيتهم مدان بحكمين أو أكثر ويقضون فترات طويلة في السجن، إضافة إلى أن ظروف الحبس المشدد ودخولهم السجن وهم شباب لم يتزوجوا بعد، كلها عوامل تزيد الضغط عليهم وتضاعف حجم معاناتهم في السجن.

خلوات شرعية

وانضم المحكومون بالإعدام في قضايا إرهابية إلى باقي سجناء القاعدة ودعموهم في مطالبتهم بالخلوة الشرعية وزيادة الأوقات المخصصة لها. ولم يمنع حكم الإعدام هؤلاء السجناء من الزواج وإنجاب أطفال ربما لن تتح لهم الفرصة لإنجابهم مستقبلا. إذ قام عدد من المحكوم عليهم بالإعدام من غير المتزوجين بتوكيل أقاربهم لتزويجهم، مثل السجين المعروف ولد الهيبة الذي رزق بطفل أخيرا وهو في السجن حيث صدر بحقه حكمين بالإعدام في ملف قتل السياح الفرنسيين، والسجين سيدي ولد سيدنا الذي تزوج بين حكمي إعدام صدرا بحقه أخيرا.

وأثارت ظاهرة زواج السجناء المتهمين في قضايا إرهابية انتباه السلطات الأمنية بسبب تعدد الزيجات والدور المحتمل لزوجاتهم. فيما اعتبر مراقبون أن هذه الزيجات تمد المحققين والمكلفين بقضايا الإرهاب وملفات عناصر القاعدة بمعلومات مهمة وخطيرة. ويرى هؤلاء المراقبين أن علاقات النسب والمصاهرة "تعطي حقائق خطيرة يخفيها التنظيم، كما أن إنجاب الأطفال وإطلاق أسماء قادة خلايا القاعدة على الأطفال يزود المسؤولين بمعلومات دقيقة عن كل سجين وانتمائه وتأثره بأي من تنظيمات القاعدة وخلاياها.

دور أمني للزوجات

أما دور الزوجات فيعتبره المراقبون محوريا في حياة هؤلاء السجناء, ففضلا عن دورهن في الدعم والمساعدة المادية والمعنوية، فهن ينفذن اعتصامات ووقفات احتجاجية بشكل شبه يومي أمام السجن وأثناء محاكمة أزواجهن أو من أجل المطالبة بالزيارة ومنح أزواجهن امتيازات وحقوق مختلفة، كما ينقلن رسائل من وإلى السجناء.

وتشير طريقة فرار السجين الخديم ولد السمان من السجن المركزي بنواكشوط متخفيا في "عباية نسائية" إلى الدور الكبير الذي تلعبه زوجات السجناء المتهمين بالإرهاب، إذ تمكن ولد السمان- الذي يوصف بأنه زعيم القاعدة في موريتانيا وحكم عليه بالإعدام- من الفرار بمساعدة نساء خلال فترة الزيارة حيث ارتدى عباءة وخمارا وخرج من بوابة السجن وأمضى حوالي سنتين متنقلا بين موريتانيا ومعسكرات القاعدة في شمال مالي قبل أن يتم اعتقاله ومحاكمته.

ويثير هذا الحراك الاجتماعي الذي يحدث في سجن نواكشوط انتباه السلطات الأمنية لاسيما بعد أن تقدم ثلاثة متهمين في قضايا إرهابية لخطبة فتيات من أوساط متدينة، حيث تحاول السلطات الأمنية معرفة كل تفاصيل الزيجات ومن حضر "أفراح السجناء" وكم أنفق عليها من أموال.

ولد الهيبة

كما تهتم السلطات بزيجات المتهمين الذين أفرج عنهم أخيراً في إطار عفو أصدرته الحكومة عقب جلسات الحوار والمناصحة التي اسفرت عن إعلان بعض المعتقلين عن توبتهم ورجوعهم إلى طريق الاعتدال. وتزوج أكثر من 30 من المفرج عنهم، ما أثار استنفارا في أجهزة الأمن لمعرفة تفاصيل هذه الزيجات وهوية الزوجات. ويبرر المراقبون فضول الأجهزة الأمنية بأن التحقيقات مع الخلايا التي تم تفكيكها في السنوات الأخيرة أكدت أن زوجات المتهمين كن على علم بتفاصيل بعض العمليات الإرهابية الحساسة، كما كن ضالعات في لعب دور الوساطة بين أزواجهن ومسلحي القاعدة في شمال مالي.

وتمنح إدارة السجون في موريتانيا حق الخلوة الشرعية والزيارة الخاصة للسجناء حيث تتمكن زوجات المعتقلين من الالتحاق بهم في السجن. وبفضل هذه الرخصة رزق السجين معروف ولد الهيبة المحكوم بالإعدام بطفله الأول وهو في السجن، لكنه اشتكى لبعثة منظمة العفو الدولية من منعه من رؤية طفله. كما اشتكى السجين سيدي ولد سيدنا المحكوم عليه بالإعدام من منعه من لقاء عروسه. وقال للحقوقيين في بعثة منظمة العفو الذين زاروا السجن المركزي بموريتانيا إنه تزوج منذ فترة ولم يحظ بلقاء زوجته.